طرق الجاهلية في وأد البنات

كانت العرب تقتل البنات بطريقتين: الطريقة الأولى: أن تأتي المرأة الحامل على وشك الوضع إلى حفرة -تحفر فتكون عند الحفرة- وتأتي القابلة التي تستلم المولود، فتولد المرأة، فإذا خرج ذكراً أبقته، وإذا خرجت أنثى ألقتها في الحفرة مباشرة.

الطريقة الثانية: أن بعضهم كان يتأني بها وينتظر ولا يدفنها مباشرة، فإذا بلغت سبع سنين، قال لأمها: زينيها؛ لأزور بها أقاربها، فإذا زينتها وجملتها أخذها في الطريق إلى بئرٍ، ثم قال: انظري فيه، فإذا نظرت دفعها من الخلف فوقعت على رأسها وطم عليها الحجارة والتراب وتموت، قال الله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل:58 - 59] وجاء الله تعالى بالإسلام، وحرَّم وأد البنات وقتل الأولاد عموماً، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 - 9] وسؤالها يوم القيامة ليس سؤال محاسبة؛ لأنها صغيرة غير مكلفة، لكن تسأل توبيخاً لمن قتلها، فتسأل الوليدة: لم قتلت؟ والمقصود بالسؤال توبيخ القاتل؛ وهو أبوها: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 - 9] وبالإضافة إلى ذلك جاء الإسلام بالأجر العظيم لمن أحسن تربية البنات: (من عال جاريتين أو ثلاثاً وأطعمهن وكساهن من جذته -من ماله ومما أعطاه الله- وصبر عليهن، كن له ستراً من النار).

وجاء في فضل تربية البنات، وأجر تربية البنات ما لم يأتِ في أجر تربية الذكران؛ لأن النفوس قد تثقل عليها البنت، وبعض الناس يكرهون البنات، وربما إذا كانت المرأة قائمةً فجاءها خبر ولادة بنت من أحد أهلها قعدت، أو دعت عليها مباشرة أن يعجل الله أخذها، وترى بعضهم إذا سأل الآخر: ماذا أتى لك؟ فإذا قال: أتاني ذكر، جعل يهنئه ويظهر الفرح والاستبشار بقدوم المولود الذكر لصاحبه، وإذا قال: جاءتنا بنت؟ قال: يا الله! الحمد لله على سلامة الأم، أي: المهم أن الأم سلمت، ولا يظهر الفرح بالبنت والاستبشار مثلما يظهر للولد، ولذلك نهينا عن تهنئة الجاهلية: بالرفاء والبنين.

لماذا نهينا عن هذه التهنئة؟ الرفاء هو: الالتحام والارتفاق والتوافق؛ وهذا جيد ولا بأس أن تدعو للمتزوج بالرفاء، فليست المشكلة في قولهم: بالرفاء، لكن المشكلة والمصيبة في قولهم: بالبنين؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يكرهون البنات، فأي إنسان من المتزوجين الجدد يقال له: بالرفاء والبنين، لماذا البنين؟ جمع ابن؛ لأنهم يكرهون البنات، فيقولون: الرفاء والبنين؛ هذه التهنئة الجاهلية انتقلت إلينا، مع أنه قد ورد النهي عنها، فتجد بعض الناس إذا كتب بطاقة تهنئة لمتزوج قال: بالرفاء والبنين.

إذاً: كل ما أتى من عند الله، فحياه الله ومرحباً وأهلاً وعلى الرحب والسعة، واحتساب الأجر في الإنفاق على البنات ربما يفوق الإنفاق على الذكور؛ بحسب ما ورد في الأحاديث من فضل الإنفاق على البنات.

وكان هذا الرجل يقول للعربي الجاهلي إذا جاءته بنت: أنا أكفيك مؤنتها، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن زيد؟ فقال: (يبعث يوم القيامة أمةً وحده بيني وبين عيسى بن مريم).

وكان زيد بن عمرو بن نفيل يذكر أشعاراً في مجانبة الأوثان، وكان يدعو كفار قريش إلى التوحيد، وقد فارق قومه واتبع ملة إبراهيم، وكان ينتظر نبياً من ولد إسماعيل، ولكن شاء الله وقدَّر أن يموت قبل ذلك، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ترحم عليه، وبشَّر أهله أنه من أهل الجنة.

هذا طرف من سيرة هذا الرجل رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015