بناءً على ما تقدم فإن هذا الرجل يحتمل أن يكون من الصحابة ويحتمل ألا يكون.
لماذا؟ لأنه إذا جاء على أحد الاحتمالين في تعريف الصحابي دخل وإلا فلا.
أما تعريف الصحابي، فهو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك.
من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، هل يشترط في كونه مؤمناً به أن تقع رؤيته له بعد البعثة، أم لا؟ الآن: زيد بن عمرو لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، لكنه لا يعرف أن هذا هو النبي، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وجلس وتحدث معه ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بعد، لكنه لقيه وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن هناك نبيٌ سيبعث هو رسول الله ولم يكن يعلم أنه هو، فهل يشترط في الصحابي أن يكون قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به بعد البعثة؟ أو أنه يكفي أن يراه قبل البعثة وهو يؤمن أنه سيبعث؟ فعلى الأول: لا يدخل في تعريف الصحابي، وعلى الثاني يدخل في تعريف الصحابي.
ولا شك أنه كان حنيفاً مؤمناً موحداً رحمه الله ورضي عنه، فإنه كان قد رفع يديه يقول: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.
وقد جاء عن أسامة بن زيد عن أبيه أنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من أيام مكة، وهو مردفي- أنا وراءه- فلقينا زيد بن عمرو، فقال له: يا زيد: ما لي أرى قومك سبقوك، فقال: خرجت أبتغي هذا الدين، فذكر الحديث المشهور باجتماعه مع اليهودي وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله، واجتماعه مع النصراني وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله.
وفي آخر الأثر: [إن الذي تطلبه قد ظهر ببلادك -قد بعث نبيٌ طلع نجمه- وجميع من رأيت في ضلال].
فهذا يعني: أنه رحمه الله قد مات على التوحيد، وهو يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم.