المصائب والأزمات

نأخذ بعض الأمثلة التي أرسلها لي بعض الإخوان من حوادث واقعية في هذه النقطة، يقول: كان هناك رجلٌ قريبٌ لي وكان يدخن، ولربما أنهى علبة أو علبتين في اليوم الواحد، وكان تاركاً للصلاة، وبينما هو في أحد الأيام يغسل أرضية منزلة بمادة كيماوية (فلاش) استنشق رائحة هذه المادة، فخرج من صدره وهو يسعل مادة سوداء من أثر الدخان، وبعد أن رأى ما رأى أعطى لنفسه عهداً ألا يدخن بعد ذلك، ثم رجع إلى الصلاة، وصلى مع الجماعة، وأعفى لحيته، وهداه الله.

من الذي سبب لهذا الشخص هذه الحادثة؟ أن يغسل بمادة كيماوية، وتأثر منها حتى يسعل نتيجتها ويعرف ضرر التدخين ويتركه، ثم ينتقل لما هو أهم ذلك وهو من أداء الصلاة، إنه الله عز وجل، وليس لداعية فضل في ذلك.

وهذا شخص يقول: قد كنت شاباً من شباب المعاكسات، وإذا بصديقي يدخل السجن بسبب المعاكسات، وأخبروني بأني سأكون بعده، ففكرت بفكرة وهي رمي جميع الأشرطة من السيارة -أشرطة الغناء التي تكون دليلاً على أنه من المعاكسين- وشراء أشرطة قرآن حتى لا يشكوا في أمري إذا فتشوني، وأبعد الشبهة عن نفسي بأشرطة القرآن، وإذا بي أسمع أشرطة القرآن هذه -لأنه الآن يتظاهر بالصلاح- وإذا بي أسمع سورة يوسف في أحد الأشرطة، وكانت تلك هي أول مرة أسمعها في حياتي، وكيف أنه عرض عليه الزنا ولم يرض، فبكيت كثيراً، وعزمت على ألا أعود إلى ما كنت عليه من السوء، والتزمت بالدين، وهداني الله سبحانه وتعالى.

يا إخواني: انظروا إلى المدخل، قضية الهداية هذه من عجائب الله سبحانه وتعالى في خلقه، هذا أتى بالأشرطة لتكون تغطية، فكانت الأشرطة سبب الهداية.

وآخر يقول: أعرف شخصاً كانت هدايته أن صار في مأزق نظراً لمعصيةٍ اقترفها، كانت هذه المعصية كفيلة بذهاب وظيفته، فالتجأ إلى الله لجوءاً صادقاً بعدما كان بعيداً عن الله، أي: أن الله عز وجل يقدر على شخص أن يمر بأزمة وضائقة، وهذه الأزمة والضائقة تكون سبباً في هدايته، فالتجأ إلى الله لجوءاً صادقاً بعدما كان بعيداً عن الله، وقال في دعائه: لئن أنجاني الله من هذا؛ لأعودن إلى الله وأستقيم، فستره الله وانتهت المشكلة بسلام من حيث لا يحتسب، ولم يفقد وظيفته، ولم يفتضح، فرجع إلى الله وصدق مع الله واستقام وكان ذلك مؤثراً في نفسه.

فإذاً قد يكون ما يقدره الله على الشخص من المصائب أو الأزمات سبباً للهداية، مثل بعض الكفار لما دخلوا البحر فلعب بهم الموج وأوشكوا على الموت، عرفوا الله كما حدث لـ عكرمة بن أبي جهل، خرج هارباً من النبي عليه الصلاة والسلام لما فتح مكة، فدخل البحر فأوشك على الغرق ولعب به الموج، فحلف إن أنجاه الله؛ أن يأتي محمد صلى الله عليه وسلم فيدخل في الدين، ويبايع النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا بالفعل ما حصل، أنجاه الله، فعرف أن الله حق، وأنه هو الذي يرجع إليه في الأمور، وهو الذي يكشف السوء، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ولو كان كافراً، فرجع إلى الله سبحانه وتعالى.

وهذا آخر يقول: أعرف شخصاً كان والعياذ بالله من أسوأ الشباب الفاسق، وذات ليلة من الليالي عمل حادثاً، فأنجاه الله بأعجوبة، فكان هذا سبباً في هدايته، وأتلف بعد ذلك حقيبة بها ثلاثمائة شريط غناء، فسبحان الهادي!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015