أيها المسلمون! يا عباد الله: إن هذه الدنيا زائلة وذاهبة، إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطانا توجيهات كثيرة في شأن هذه الحياة الدنيا، تعالوا نستعرض بعضاً منها، كلها من أقواله صلى الله عليه وسلم: (احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة) (ابشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم).
إن مطعم ابن آدم قد ضرب مثلاً للدنيا، وإن قَزَّحَهُ ومَلَّحَهُ، فانظر إلى ما يصير عند خروجه من البدن، حلوة الدنيا ومرة الآخرة، ومرة الدنيا وحلوة الآخرة: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر) (لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) (والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثلما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم فلينظر بم يرجع) (آكل كما يأكل العبد، فوالذي نفسي بيده! لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى منها كافراً كاساً).
(أتاني جبريل، فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس، ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس) (إنما يكفيك من جمع المال خادم ومركب في سبيل الله) (خير الرزق الكفاف لا لك ولا عليك) (طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به) (كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قانعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب) (ما قل وكفى، خيرٌ مما كثر وألهى) (مالي وللدنيا!! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها) (من أصبح آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).
(يقول ابن آدم: مالي! وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت) (الشيخ يضعف جسمه وقلبه شابٌّ على حب اثنتين: طول الحياة، وحب المال) (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل) (لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانياً، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له) (إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم).
(أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي؟ فقراء المهاجرين، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة، ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أوقد حوسبتم؟ قالوا: بأي شيء نحاسب؟ وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك، فيفتح لهم، فيقيلون فيها أربعين عاماً قبل أن يدخلها الناس) (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء) (إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً) (ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين قريب سهل) (ألا أنبئك بأهل الجنة؟ الضعفاء المغلوبون) (رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره).
(قمت عل باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين، وإذا أصحاب الجد -أي: المال والغنى- محبوسون، إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار، فإذا عامة من يدخلها النساء) (من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة، فأنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل).
(يا معشر الفقراء! ألا أبشركم؟! إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم -خمسمائة عام-: {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج:47]) (إن الله تعالى إذا أنزل سطوته على أهل نقمته، فوافت آجال قوم صالحين، فأهلكوا بهلاكهم، ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم).
(إنما الأعمال كالوعاء، إذا طاب أسفله طاب أعلاه، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه) (يحشر الناس على نياتهم) (أتدرون ما المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار).
(إذا ذكرتم بالله فانتهوا).
(إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب، وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك استدراج) (استحيوا من الله حق الحياء) (من استحيا من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).
(اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) (إن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة، يعطى عليها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا -تقولون: لماذا عند الكفار أمطار ونباتات؟ لماذا عندهم تقدم وحضارات؟ ونعيم وأموال؟ - وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيراً).
(إن الله تعالى يقول: يا بن آدم! تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك) (إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونروك من الماء البارد؟) حتى الماء البارد سنسأل عنه يا عباد الله! (إني أرى ما لا ترون، وأسمع مالا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) > (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).
(حرم على عينين أن تنالهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر) (صاحبُ الصور واضع الصور على فيه منذ خلق، ينظر متى يؤمر أن ينفخ فيه فينفخ) (عرضت عليَّ الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).
حديث قدسي: (قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي).
(كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل) (ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها) (من استطاع منكم أن يكون له خبءٌ من عمل صالح فليفعل) (من جعل الهموم هم المعاد؛ كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا؛ لم يبال الله في أي أوديتها هلك) > (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم) (لا يدخل الجنة أحدٌ إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده في الجنة لو أحسن ليزداد عليه حسرة).
(يا أيها الناس! اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه) (يتبع الميت ثلاثة: أهله وعمله، وماله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله، ويبقى عمله) (اثنتان تدخلان الجنة: من حفظ ما بين لحييه -اللسان- ورجليه -أي: الفرج- دخل الجنة) (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا) (تكفير كل لحاء ركعتان) كل خصومة ومشاجرة كفارتها صلاة ركعتين.
(رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم) (زنا اللسان الكلام) (طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته) (ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذَربَ اللسان).
(إن من ورائكم زماناً، صبر المتمسك فيه أجر خمسين شهيداً منكم).
(لم يكن نبي قط قبلي إلا حقاً عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيراً لهم، وينذرهم ما يعلمه شراً لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء شديد، وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضاً -كل واحدة أعظم من التي قبلها، فتنسي اللاحقة السابقة- وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه!! فمن أحب منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إ