وقد جاء ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأنه رضي الله عنه كان يسأل بعض الصحابة عن مسائل أحياناً لا لأجل العلم، ولكن لأجل أن يكفوه الجوع، قال أبو هريرة: (كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبع بطني، حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحرير، ولا يخدمني فلان ولا فلانة، وألصق بطني بالحصى، وأستقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني) وقال: (إن كنت لأسأل الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية لأنا أعلم بها منه، لا أسأله إلا ليطعمني شيئاً) لأنه كان يخر من الجوع مغشياً عليه حتى يظن الناس أن به جنوناً - صرعاً- فيجثم الواحد على صدره يقرأ عليه، يريد إخراج الجن وهو ليس به صرع، ما به إلا الجوع رضي الله عنه.
ولذلك حفظ هذه الآلاف من الأحاديث، قال: (فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب لا يجيبني حتى يذهب بي إلى منزله، فيقول لامرأته: يا أسماء أطعميه، وإذا أطعمني أجابني، وكان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم ويحدثونه) ولذلك كان يسمى بـ أبي المساكين رضي الله عنه.
فالتعريض في مثل هذه الحالة لا بأس به إن شاء الله، لأن ذلك مما يُحتاج إليه عند الحاجة إليه، أما أن يأتي الإنسان بغير دعوة ولا حاجة؛ ويفرض نفسه، فهذا هو المكروه.