فإذا فتن الإنسان وحصل منه تراجعات بهذا السبب؛ فعليه أن يتوب إلى الله ويصلح الأمر، ويخرج المنكر، ويعظ أهله ويعظ نفسه، وبالإضافة إلى ذلك الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أليس الولد مجبنة عن الجهاد، مبخلة عن الصدقة، مجهلة عن طلب العلم؟ ألا يحدث ذلك؟ يحدث، ولذلك لا يصح أن يشغلك أهلك عن ذكر الله عزَّ وجلَّ، فإذا انقلب الأهل أعداءً فما هو الموقف؟ قد يبتلى الإنسان بولد ضال فاسق أو كافر: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود:45 - 46] قد يبتلى بزوجة عاصية فاسقة وربما كافرة: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم:10] ليست خيانة فراش لا.
لكن كانت زوجة نوح تدل قومها على المؤمنين الذين تبعوا نوح ليفتنوهم عن دينهم، وكانت الأخرى تدل قومها على أضياف زوجها ليفعلوا بهم الفاحشة فما هو الحل إذاً؟ الدعوة وإن لم تحدث الموافقة على الحق فالمفارقة.
وفي قصة الغلام والراهب وأصحاب الأخدود كيف علم الراهب الغلام كيفية التصرف مع أهله، كان يجلس ويذهب إلى الساحر يعلمه السحر، وفي الطريق يرجع إلى أهله يجلس إلى هذا الراهب المسلم يعلمه الدين؛ فكان يتأخر على الساحر ويتأخر على أهله، فشكا إليه ذلك، فقال: إذا خشيت الساحر، فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر وهذا الحديث في صحيح مسلم.
كيف يكون التصرف مع الأهل إذا صاروا فتنة، وإذا صاروا أعداء، وإذا صاروا ضد الدين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] هذا قد يكون كثيراً في زمن الفساد؛ ولذلك ينبغي أن نعرف كيف نواجه مثل هذه المواقف.