بعض الناس يغيبون للأمور الدنيوية، ويسافرون أسفاراً لا معنى لها ولا داعي لها، إلى أي شيء نريد أن نصل؟ هل نريد أن نصل إلى ما وصل إليه الكفار؟ في الولايات المتحدة الأمريكية تعد مشكلة غياب الأب عن أبنائه من أكبر المشكلات، (51%) فقط من الأطفال يعيشون مع آبائهم الحقيقيين، والأطفال الذين يولدون سفاحاً (30%) من مجمل الأطفال، (68%) من بعض قطاعات مجتمعهم سفاح، وعدد حالات الطلاق (1.
2) مليون حالة في السنة، نصف هذه الحالات بها أطفال، يعيش (38%) من الأطفال بعيداً عن آبائهم، كانت في الستينيات النسبة (17%) تطورت بعد ثلاثين سنة لتصل إلى (38%) ولذلك أحد مؤلفيهم ألف كتاب أمريكا اليتيمة يشير إلى قضية أن الأطفال هناك يتامى، أمٌ تخلت أو أبٌ مشغول ومسافر؛ ولذلك قال: ارتباط الأولاد بالمسدسات جاء نتيجة لذلك، والعنف والوحشية والحوادث الهمجية، يقول أحدهم: أبي دعني أراك، وآخر قتل أباه وأمه لما حدث فراغ عاطفي في نفسه نتيجة الغياب من الأبوين، الأب خارج البيت للعمل، وأيضاً الأم خارجة للعمل، ثم قام بعد ذلك الكتاب والصحفيون والناس يقولون: لا تتركوا أطفالكم، شاركوهم في ألعابهم وأحلامهم، وعلموهم، وذلك نتيجة لهذه الجريمة التي حصلت، في ذلك الوقت هرعوا يفتشون في أدراج مكاتب أبنائهم عما يوجد لما وقعت الجريمة.
حنان الأب وجلوسه بجانب أطفاله أمر في غاية الأهمية، إنه يعوض الطفل عن حاجة نفسية متأصلة في نفسه، وقد وجد الأطباء النفسانيون أن الولد إذا غاب عنه أبوه افتعل أشياء في مخيلته، عن قصة فيها ولد ومعه أبوه وأن أباه أتى له بلعبة كذا وأعطاه لعبة كذا وخرج معه كذا، ويفتح القناة الثانية على التخيل ويتخيل هذا الوضع ليعوض عن نفسه بالخيال، يعوض نقص الواقع بالخيال؛ ولذلك تنشأ المشكلات النفسية والاضطرابات العاطفية، فسبب ذلك وقوع حوادث الاعتداءات، هذه من الأمور التي تترتب على هذا، إنها المخالفة لما جاء به الإسلام من تربية الأهل والقيام عليهم وملازمتهم والحرص عليهم، (46%) من الأسر التي يغيب عنها الأب وتشرف عليها الأمهات تحت مستوى خط الفقر.
إن غياب الأب يزيد احتمال تعرض الأطفال للانطوائية والتعطل وإدمان المخدرات والجريمة والانتحار والاعتداءات الجنسية، وعدد القتلى على أيدي مراهقين تقل أعمارهم عن 18 سنة ارتفع بنسبة (125%) بين عام (84 - 94) في خلال عشر سنوات فقط، وأنتم تسمعون حوادثهم وجرائمهم، وتسمع أن ولد في المتوسط الثانوي يفتح النار على طلاب أو مدرس أو مدرسة، فيقتل ثلاثة أو يقتل ثمانية، وحوادث متوالية لماذا وقعت هذه الأشياء؟ لهذه الأسباب أيها الإخوة، هؤلاء ضحايا الابتعاد عن الأبوين، ضحايا الترك والإهمال، إنه شيء يدفعونه من دمائهم وصحتهم بسبب البعد عن الدين.
أيها الإخوة ينبغي علينا نفع الأهل بكل طريقة، إن موسى عليه السلام ما زال يدعو ربه أن يجعل أخاه هارون نبياً حتى استجاب الله له: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه:29 - 36] ولذلك ليس أحد أعظم منة على أخيه من موسى على هارون.