ولابد من الاعتناء بالفرائض خاصة لا سيما الصلاة، لابد من أدائها في أوقاتها وبالذات صلاة الفجر، ولذلك نص العلماء على إيقاظ الرجل أهله لصلاة الفجر، وأن يأمر زوجته بغسل الجنابة لأجل الصلاة، والمرأة قد تنسى مع أشغال البيت، فحتى الابن يذكر أمه والأخ يذكر أخته بقضية الصلاة، ويتابع الأب أولاده على قضية الصلاة في أوقاتها وعلى إقامتها بشروطها، وهذه مسألة في غاية الأهمية، انظر إلى أولادنا حين يصلون كيف هم في الصلاة من ناحية العبث، فلا خشوع ولا تطبيق للسنن، وإنما يجاري بعضهم بعضاً كما يرون أصحابهم في المدارس يفعلون.
كنت قد سألت شيخنا -الشيخ عبد العزيز بن باز تغمده الله برحمته- قلت له: يا شيخ لو أن شخصاً عنده درس في المسجد بعد صلاة الفجر فخرج وأهله نائمون إلى الصلاة، فهل يجب عليه أن يرجع إلى البيت ويوقظ أهله ولو فات جزء من الدرس أو فات الدرس كله أم يجلس في الدرس؟ فقال: بل يجب عليه أن يرجع؛ لأن أمره أهله بالصلاة واجب وحضوره الدرس مستحب، فلا يقدم المستحب على الواجب، وعليه أن يرجع لإيقاظ أهله.
ومع أن المسألة معروفة وكثير من الوعاظ يتكلمون عن الصلاة وأمر أهل البيت بالصلاة، لكن إذا جئنا نتفكر في الواقع من هذه الجهة وجدنا تقصيراً كبيراً جداً في قضية أمر الأهل بالصلاة.
وكذلك جاء عن نبي الله إسماعيل عليه السلام أنه كان يأمر أهله بالزكاة أيضاً: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} [مريم:54 - 55] قد يكون عندها مال، أو إرث، أو حلي، فيجب عليه أن يأمرها بالزكاة، وكذلك أن يتعاهدهم في الصيام، وأن يتعاهدهم في الحج والعمرة من بلغ منهم واستطاع، وأن يأمرهم بذلك، وألا يقف الزوج في طريق زوجته إذا أرادت أن تؤدي الحج المفروض عليها ولها محرم، لا يقف في طريقها ولا يجوز له ذلك ولا يجب عليها أن تطيعه إذا أمرها بالبقاء وهي قادرة على الذهاب.
نحتاج إلى أن نربي أهلنا على الاعتناء بكتاب الله تعالى، سأل أحد طلاب العلم شيخاً له قبل أن يذهب للسفر قال: يا شيخ أريدك أن توصيني -لقد كان الصحابة يسألون الوصية من النبي عليه الصلاة والسلام قبل السفر، وهكذا كان الطلاب يسألون العلماء قبل السفر- بأي شيء توصيني؟ قال: أوصيك بكتاب الله تعالى تلاوة وتدبراً وحفظاً ومعرفة للتفسير.
ألا ما أجمع هذا الوصية! فنحتاج أن نقيم فيهم كتاب الله عزَّ وجلَّ، وأن نحيي فيهم الاعتناء بالقرآن الكريم وبسنة النبي عليه الصلاة والسلام: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:34] والحكمة هي السنة، وإقامة ذكر الله عموماً في البيت.