الحمد لله الكبير المتعال، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، إليه المرجع والمآل، وأشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى صحبه والآل.
عباد الله! لقد جاءت هذه الشريعة من الإجراءات في ظل ما جاءت به لحفظ النسل في تشريعات بشأن الإجهاض، وعنيت الشريعة بالجنين في بطن أمه عناية فائقة، لأن ذلك الجنين هو الطريق إلى إيجاد النسل، ولو لم يراعِ حال الأجنة في بطون أمهاتها، للزم من ذلك فساد النسل وضياعه، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بدية الجنين على من قتلت جنين امرأة في بطنها، وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، فقضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبدٍ أو أمة.
فإذاً عبدٌ أو أمةٌ أو ما يقابلهما من المال كعشرة آلاف ريال ونحوها دية إسقاط الجنين عمداً، وكذلك قضى عمر رضي الله عنه وأرضاه بهذا القضاء، قال ابن قدامة رحمه الله في شرح قول الخرقي رحمه الله: "وإذا شربت الحامل دواءً فألقت جنيناً، فعليها غرةٌ لا ترث منها شيئاً، وتعتق رقبة"، فتعتق رقبة إذا تعاطت دواء قتل الجنين وأسقطته، وتسلم عبداً أو أمةً أو قيمتهما إلى ورثة الجنين دون أن تأخذ منهما شيئاً.
ولا يجوز إسقاط الحمل بعد نفخ الروح فيه إطلاقاً عند جميع العلماء، لأنه قتل نفس محرمة، لا يجوز ذلك مطلقاً، وفي جواز إسقاطه قبل نفخ الروح تفاصيلٌ في كلام أهل العلم.