ثم قال: (فلما كبر، قال للملك: إني قد كبرت، فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر) كبِر، أم كبُر، بكسر الباء كبِر، في لغة العرب تستخدم (كبِر) للسن، يعني: إذا تقدم رجل بالسن يقال: كبِر، أما بضم الباء، فتستعمل للقدر، يعني: إذا صار الشيء عظيم القدر وكبير القدر يقال: كبُر.
ما هو الدليل من القرآن؟ {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ} [غافر:35] {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف:5] هذه الكلمة قدرها في الشرك عظيم، فالله عز وجل قال: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} وفي رواية الترمذي في هذا المقطع يقول الساحر: (انظروا لي غلاماً فطناً لقناً فأعلمه علمي، فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم) سبحان الله! الساحر هذا خائف على ماذا؟ خائف على هذا العلم المهم سوف يضيع، وسوف ينقرض، وهو يريد غلاماً ليعلمه السحر حتى يحصل استمرارية لهذا السحر في الأرض.
فانظروا -أيها الإخوة- كيف تفسد أجواء الكفر الفطر السليمة؟! الأطفال الآن عندما يخرجون إلى الدنيا يخرجون صفحات بيضاء ما فيها شيء، فطرة سليمة، فمن الذي يخرب فطر الأطفال؟ إنها هذه الجاهليات الممتلئة بالكفر والسحر والزندقة والضلال والبدع والخرافات والإلحاد والشهوات والأهواء، هذه التي تفسد عقول الأطفال الصغار، ينشئون على الكفر، إفسادٌ لفطرته، الله فطر الناس على التوحيد فطرة الناس {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30] فإذاً رصيد الفطرة مهم للدعاة إلى الله عز وجل لعرض الحق، فمن رحمة الله أنه جعل لك -يا أخي الداعية- عندما تعرض الكلام على ناس ما تأثروا بشيء مطلقاً صفحات بيضاء يقبلون الحق مباشرة، لأن الله فطرهم على هذا، لذلك الطفل ما يعارضك لو قلت له: الله أمرك بكذا، وأن تفعل كذا، تصادف موقعاً في نفسه ويقتنع، لأنه موافق الفطرة، لكن انظر إلى الطفل الذي يعيش في أجواء الشرك والكفر، كيف ينشأ؟ الآن أطفال المسلمين في أقطار كثيرة من الأرض يتعرضون للأخطار، فكما سمعنا أن أطفال المسلمين في أفغانستان يرسلون إلى روسيا ليتعلموا الإلحاد والشيوعية، وهناك مؤسسات تنصيرية في العالم قائمة على تجميع أطفال المسلمين الأيتام، وضحايا الحرب، والذين ليس لهم مُعين ينفق عليهم، مثل أطفال المسلمين في لبنان -مثلاً- يُؤخذون إلى الخارج إلى سويسرا وغيرها من البلاد لكي يُدخَلوا في مدارس تنصيرية، فتتلف فطر هؤلاء الأطفال، وإذا رجع، يرجع شيوعياً أو نصرانياً كافراً ملحداً لا عقيدة له، هذا بسبب هذه الكلمة: (فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر) نستنتج خطورة تعريض الأطفال لأجواء الكفر والشرك والبدع، الذين يأخذون أطفالهم إلى الخارج عليهم أن يتقوا الله عز وجل، والذين يأخذون الأطفال إلى الخارج ويدخلونهم المتاحف، وما يرى في المتاحف؟ الأصنام، ويذهبون بهم إلى المعابد على أنها آثار، ويدخلونهم المعبد الفلاني، ويشاهدون الآلهة الفلانية، والطفل هذا صفحة بيضاء، تتسطر فيه الآن سطور الشرك في نفسه، فإذاً -أيها الإخوة- مسئولية أمام الله عز وجل الاهتمام بأطفالنا، وأطفال المسلمين الذين يحتاجون إلى إعانة حتى لا يتسلط عليهم الكفرة فيأخذونهم.