الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله

من الأشياء التي تصد عن الحق: الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله، قال ابن القيم رحمه الله: وأهل هذه الغربة هم أهل الله حقاً، فإنهم لم يأووا إلى غير الله، ولم ينتسبوا إلى غير رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يدعوا إلى غير ما جاء به، ومن صفات هؤلاء الغرباء، ترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله، لا شيخ ولا طريقة، ولا مذهب ولا طائفة، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية وحده، وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده، وأكثر الناس لائم لهم.

وصدق فأنت لو قلت للناس: أنا لا أنتسب إلى أحد غير الله ورسوله، وأنا أسير على طريقة السلف، وأنا من أهل السنة والجماعة أعتقد اعتقادهم وأسير على طريقهم في جميع الأبواب، في العقيدة، والسلوك، والأخلاق، والسنة، ووجه الاستدلال، أنا على أبواب أهل السنة والجماعة، وهذه طريقتي، فلا أنتسب إلى أحد، فكل المنتسبين سيلومونك أنت مع أنهم متفرقون في انساباتهم، ولكنهم جميعاً يعتبرونك عدواً لدوداً لهم.

ثم لو أن إنساناً سأل وقال: ما علاقة هذه المسألة بالصد عن الحق؟ كيف يعني أن الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله، يصد عن الحق؟ فأقول لك: يا أخي! القضية واضحة، فإن من انتسب إلى طائفة من الطوائف، أو حزب من الأحزاب، أو جماعة من الجماعات، فإنه يوالي لها ويعادي عليها، ويحيطها بهالة من التقديس تمنعه من تقبل الحق لو كان مخالفاً لما عليه هذه الطائفة، بل إنه يدافع عنها بالحق وبالباطل، لأن قلبه قد أشرب من حبها، ولذلك هو غير مستعد أن تنتقد طائفته، وهذا يؤدي إلى العصبية وإلى تفرق المسلمين.

ولو أن المسلمين كلهم مشوا على طريقة أهل السنة والجماعة -على طريقة السلف - وعلى طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، والأشياء التي فيها الاختلافات الواردة فيعذر بعضهم بعضاً فيها، أما الأشياء التي في الأصول والتي لا يمكن الاختلاف عليها، فأمرها محسوم، لتجمعوا واجتمعوا كلهم، ولا نعني بهذا الكلام: نسف مسألة التعاون على البر والتقوى، ونسف قضية التعاون على الدعوة إلى الله، ونسف قضية روح الجماعية في الدين، فهذه موجودة، ولا بد من وجودها وإيجادها، ولكن التفرقات والتعصبات للانتسابات هي التي تهلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015