والخروج لصلاة العيد، وأداء صلاة العيد على هذا النمط المشهود من الجميع فيه إظهارٌ لشعار الإسلام، فهي من أعلام الدين الظاهرة، وأول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم للعيد يوم الفطر من السنة الثانية من الهجرة، ولم يزل صلى الله عليه وسلم يواظب عليها حتى فارق الدنيا صلوات الله وسلامه عليه، واستمر عليها المسلمون خلفاً عن سلف فلو تركها أهل بلد مع استكمال شروطها فيهم قاتلهم الإمام، لأنها من أعلام الدين الظاهرة كالأذان، وينبغي أن تُؤدى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب المدينة -وهو يبعد مسافة ألف متر من باب السلام (ألف ذراع من باب السلام) كما قدره بعض أهل العلم، هذا مكان مُصلى النبي صلى الله عليه وسلم- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى الذي في باب المدينة، فعن أبي سعيد: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى) متفقٌ عليه، ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر، ولأن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام وأظهر لشعائر الدين، ولا مشقة في ذلك لعدم تكرره بخلاف الجمعة إلا في مكة المشرفة فإنها تُصلى في المسجد الحرام، وفي صلاتها في الصحراء فائدة وهي تمكين الناس من الاجتماع الكبير الذي لا يسعهم فيه إلا الصحراء، لكن إذا حدث عذرٌ جاز لهم الصلاة في المساجد، كالمطر، أو الخوف كحصار البلد، أو الزحام.
كان المصلى خارج البلد فلما توسع البنيان صار المصلى داخل البلد، فلو كان من الممكن الصلاة في صحراء تسع الجميع لكان هو السنة، لكن أصبح الآن المصلى محاطاً وأصبح لا يكفي للناس، ولذلك أصبح لفتح المساجد الكبيرة لصلاة العيد حاجة خصوصاً في عيد الفطر، ولذلك فإن صلاتها في المساجد لا بأس بها، ولو تعددت إذا لم يكفهم مسجدٌ واحد أو مُصلى واحد جاز لهم أن يعددوا المساجد لصلاة العيد.