حذر السلف من الشهرة وحبها، ولابد من سماع نصائحهم، فعن ابن محيريز أنه قال: سمعت فضالة بن عبيد وقلت له: أوصني، قال: خصالٌ ينفعك الله بهن، إن استطعت أن تَعرِف ولا تُعرَف، فافعل، وإن استطعت أن تسمع ولا تكلم، فافعل، وإن استطعت أن تجلس ولا يجلس إليك، فافعل، وفي رواية: إن استعطت أن تَعرِف ولا تُعرَف، وتسأل ولا تُسأل وتمشي ولا يُمشي إليك فافعل، ما أحب الله عبداً إلا أحب ألا يشعر به، يعني: يكتم أمره على الناس.
وعلينا أيها الإخوة بالتواضع، فإن الله مع المتواضعين، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن: (ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك، فإذا تواضع قيل للملك: ارفع حكمته، وإذا تكبر قيل للملك: دع حكمته) فإذا تواضعت يرفعك الله بين الناس، وإذا تكبرت يذلك الله بين الناس.
ولابد أن يكون عندنا من يعطينا النصيحة من المخلصين، عمر بن عبد العزيز قال لغلامه: إن الولاة قد جعلوا العيون على العامة، وإني جعلتك عيني على نفسي، ما ترى عيباً علي إلا وتنبهني عليه، وينبغي أن ننظر في قصور أنفسنا وأن نجالس المتواضعين والعلماء الصالحين؛ لأن الإنسان يعرف قدره عند ذلك، وأن نحاسب أنفسنا بالكلمة والحركة، وإذا عوتبنا في شيء، لا ننفي عن أنفسنا التهمة، وإنما نسأل الله السداد.
وينبغي علينا أن نمنع المداحين الذين يمدحون في وجوهنا ونسكتهم ولا نرضى بمدحهم، وينبغي أن نربي الناس على هذا المفهوم، وأن نضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
ونسأل الله سبحانه وتعالى في الختام أن يرزقنا الإخلاص اللهم اجعل عملنا خالصاً لوجهك، ولا تجعل لأحدٍ من الناس فيه نصيباً يا رب العالمين، اللهم عظم أجورنا واغفر زلاتنا، اللهم إنا نستغفرك لما لا نعلم من الشرك، ونعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.