وكذلك من الأشياء التي تعين على علاج حب الرئاسة في النفس: إيثار الباقي على الفاني والتفكر في هذه الدنيا وزوالها وسرعة انقضائها وهمومها وغمومها وأحزانها، وقصرها وهوانها على الله، لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلو كانت تساوي جناح بعوضة ما أعطى الكافر ولا شربة ماء.
جاء في البخاري: أن عبد الله بن عمر حضر خطبة من تولى الملك في زمنه، قال الخطيب الذي تولى: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر -يعني: ينازعنا فيه- من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر، فليطلع لنا قرنه -فليظهر وليقف- فلنحنُ أحقُّ به منه ومن أبيه -نحن أحق بهذا الأمر منه ومن أبيه وعبد الله بن عمر جالس- قال عبد الله بن عمر: [فحللت حبوتي وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام -لأنه كان متأخراً في الإسلام هو وأبوه -يقول عبد الله بن عمر: هممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام من السابقين الأولين- قال ابن عمر: فخشيت أن أقول كلمةً تفرق بين الجمع وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت -هذا الشاهد- فذكرت ما أعد الله في الجنان -أي: لما تذكر ما أعد الله في الجنان، سكت وما تكلم فالمسألة الآن في الرئاسة، كاد ابن عمر أن يتكلم لكنه سكت، لماذا سكت؟ - قال: فذكرت ما أعد الله في الجنان فهانت علي] هينة لا شيء لا تساوي شيئاً.