فوائد إعلان النكاح

إذاً إعلان النكاح أمر لا بد منه، وله فوائد أخرى غير دفع الريبة، ووقاية العرض، وعدم إشاعة الفاحشة في المجتمع، ومن الفوائد: 1 - أنه إذا كانت المرأة ذات زوج سابق تظهر المسألة، وإذا كان بينهما رضاع جاءت المرضعة، فقالت: قد أرضعتهما، لكن إذا كان خفياً لم يعلن، فإن مثل هذه الأمور تفوت.

2 - ومن الأمور المهمة كذلك في إعلانه: حفظ حقوق الزوجة والأولاد الجدد، وخصوصاً الزوجة الثانية في الميراث، فإنه إذا تزوج -وهذا حالة معروفة- سراً ثم مات، غضب أولاده، وقالوا: ظهر لنا إخوة لا نعلم عنهم شيئاً، وتقول زوجته: ظهرت لي ضرة لم أكن أعلم عنها شيئاً، وإذا كانت هذه المرأة ظالمة، والأولاد ظلمة، سيحرمون الزوجة الثانية وأولادها من الميراث، ويقولون: ما عندنا إثبات رسمي، ومن هنا كان لابد للعاقل -ومثله الذي يتزوج خادمة ويأتي بها- لابد له من مراعاة القوانين التي تكون موجودة في البلد لأجل مثل هذه القضية وهي حفظ حقوق المرأة الجديدة، وحقوق أولادها، حتى إذا مات ورثوه وأخذوا حقهم ونصيبهم، وإلا ضاع؛ فوجب عليه أن يحتاط لأجل ذلك، وأن يراعي هذه المسألة أشد المراعاة، فإن حقوق العباد لا يتسامح فيها، فيجب على الإنسان أن يكون حصيفاً حكيماً في إقدامه على زواج في مكان خفي أو لا يعلنه، ويحسب حساب المستقبل.

المرأة في المستقبل ما وضعها؟ أولاده في المستقبل من هذه المرأة الجديدة ما وضعهم؟ كل ذلك من حكمة المسلم التي ينبغي عليه أن يتفطن لها.

وبقيت قضايا أخرى متعلقة بالموضوع، مثل: زواج المغتربين، والزواج بنية الطلاق، لعلنا نأتي على ذلك في خطبة قادمة إن شاء الله، ولكن لا بد أن نقول: إن أي زواج -وإن كان مباحاً- إذا كان يؤدي إلى ضياع الأولاد عند النصارى، أو ارتداد المسلمات، فإنه يحرم لا لذاته، ولكن لما يؤدي إليه من المفاسد، ونقول عموماً في زواج الغربة، وفي زواج المسيار، وفي الزواج الذي لم يعلن وغير ذلك: لا بد أن يراعى الحال، وأن ينظر فيما يؤدي إليه هذا النكاح من المفاسد، فإذا كانت المفاسد متحققة، كأن يأخذ النصارى أولادهم بالقانون الألماني والفرنسي والأمريكي والبريطاني وغيره، ويُجعلون نصارى، أو المرأة ترتد لما ترى من أمره ونحو ذلك، فإنه يحرم عليه أن يقدم على مثل هذه الفعلة، وقد ذكر العلماء في الزواج في بلاد الحرب أموراً مهمة، ينبغي الرجوع إليها.

إذاً: النكاح وإن كان مباحاً فيجب التفطن لما بعده، ولما ورواءه، وما هو المستقبل بحسب التجربة، وما أرانا الله إياه من واقع الناس وحال مثل هذه الزواجات.

وكذلك في الجانب الآخر لا يجوز الإنكار على من تزوج زواجاً شرعياً، قد تحققت فيه الشروط، ولا اتهامه بالزنا إذا علمت أنه قد تزوج زواجاً شرعياً، فلا يحل مطلقاً قذفه، وهذا ما يتساهل فيه بعض الناس.

أيها الأخوة: إن الحاجة إلى الفقه في الدين ماسة، خصوصاً في هذه القضايا الحياتية الحساسة والخطيرة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا في دينه، وأن يرزقنا العفاف، وأن يباعد بيننا وبين الحرام.

اللهم طهر قلوبنا، وحصن فروجنا.

اللهم اجعل بيننا وبين الحرام برزخاً وحجراً محجوراً.

اللهم أعز دينك، اللهم أعز عبادك، والمجاهدين في سبيلك.

اللهم ارفع لواء الدين، واخذل الكفرة والمشركين.

اللهم اجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، ومن أراد ببلدنا هذا سوءاً فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه.

اللهم انشر رحمتك على العباد، وارفع لواء الجهاد، واغفر لنا وتجاوز عنا في يوم المعاد، إنك أنت البصير بالعباد.

سبحانك ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015