وإن عقدوا النكاح بولي وشاهدين، فأسروه، أو تواصوا بكتمانه، كره ذلك وصح النكاح، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر.
وممن كره نكاح السر: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعروة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والشعبي، ونافع.
وقال أبو بكر بن عبد العزيز: النكاح باطل؛ لأن أحمد قال: إذا تزوج بولي وشاهدين فلا حتى يعلنه.
وهذا مذهب مالك، وهو وجوب إعلان النكاح.
إذاً: مذهب جمهور الفقهاء على أن إعلان النكاح مستحب، وذهب بعضهم: إلى أنه فرض واجب، وهذا رأي الزهري رحمه الله، وعنده أنه إذا نكح نكاح سر وأشهد رجلين وأمرهما بالكتمان، وجب التفريق بين الزوجين، ورأي مالك -رحمه الله- أن نكاح السر يفسخ، وسيأتي كلام الإمام ابن تيمية -رحمه الله- مفصلاًً في هذه القضية بعد قليل.
ونلاحظ أن الشريعة أمرت بالإشهاد عند العقد، وأمرت بالإعلان عن النكاح في أمره عليه الصلاة والسلام بقوله: (أعلنوا النكاح)، وبقوله: (أظهروا النكاح) غير أنه إذا أعلنه في بلد لم يجب عليه إعلانه في بلد آخر، وهذا اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز نفع الله به، في الأمر بالإعلان بالنكاح وإشهاره، وأنه لو أشهره في بلد لا يلزمه أن يشهره في بلد آخر.
إذاً: الإشهاد عند العقد والإعلان بعده مما جاءت به الشريعة، وأمرت بالضرب بالدف إعلاناً للنكاح، وأي وسيلة لإعلان النكاح، كهذه الأنوار والزينات، وبطاقات الأعراس، واجتماع الناس على الوليمة، كل ذلك من وسائل الإعلان؛ فهي مشروعة، إذا لم يرتكب محرم فيها، ولولا أن في دق منبهات السيارات إزعاج للناس لقال به بعض أهل العلم من المعاصرين، كما ذكروا ذلك في فتاويهم، فيسلك في إعلان النكاح كل طريق يؤدي إليه؛ تنفيذاًَ لأمر الشارع.
وجاء في رواية ضعيفة: جعله في المسجد.
وذكر العلماء أن علة ذلك إعلانه؛ لأنه إذا كان العقد في المسجد لم يكن خفياً، فإن المصلين سيشهدون ذلك، وعند الإشهاد في العقد يعلن بين الأقارب، وعند الوليمة والضرب بالدف ونحوه يعلن على الأباعد، فيتحقق الغرض الذي قصده الشارع في إعلان النكاح.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- وقد سئل عن رجل تزوج امرأة مصافحة؛ والمصافحة: اسم كانوا يطلقونه في زمن
شيخ الإسلام
رحمه الله على نكاح السر: هل يصح النكاح أم لا؟ فأجاب: الحمد لله، إذا تزوجها بلا ولي ولا شهود وكتم النكاح فهذا نكاح باطل باتفاق الأئمة، بل الذي عليه العلماء أنه لا نكاح إلا بولي: (أيما امرأة تزوجت بغير إذن وليها؛ فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل).