والعلم يؤدي إلى الخشية، وهذه من أعظم الفوائد قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28] ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية
ورأس العلم تقوى الله حقاً وليس بأن يقال لقد رأُست
والعلم يدفع إلى الخشية من أن يسأل عنه صاحبه ولم يعمل به؛ ولذلك قال أبو الدرداء رضي الله عنه: [إنما أخشى أن يكون أول ما يسألني عنه ربي أن يقول لي: ماذا عملت فيما علمت؟].
وقال بعض السلف: والله إني لأخشى ألا تبقى آية في كتاب الله آمرةٌ أو ناهية إلا جاءتني يوم القيامة، فتقول الآمرة بالخير: هل عملت به؟ وتقول الناهية عن الحرام: هل انتهيت عنه؟ ولذلك لابد إذا تعلمنا أن نطبق، فهي سلسلة متواصلة علم وعمل، تعلم وتطبيق، ولذلك فليست القضية حشو أذهان ولا حفظ معلومات، وإنما هي أثر حقيقي على الإنسان، ولذلك كان العلماء الربانيون مخبتين لله تعالى، يقومون له بالعبادة، يقومون الليل ويستغفرون بالأسحار، قال ابن القيم رحمه الله عن شيخ الإسلام: أنه كان إذا صلى الفجر يقعد في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس جداً، وكان يقول: هذه غدوتي، وإذا لم أتغد سقطت قواي.
وقال الحسن رحمه الله: كان الرجل- يعني: من السلف - يطلب العلم، فلا يلبث إلا يسيراً حتى يرى أثر العلم في صلاته وخشوعه وكلامه وسمته؛ لأن الله قال: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء:107 - 109].