بالنسبة لنسبه رحمه الله فهو: علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السندي -مولاهم- البصري، المعروف بـ ابن المديني.
ونسبة علي بن المديني إلى السندي نسبة ولاء، ليس من القوم، وإنما هو مولاهم.
وأما لقب المديني بفتح الميم وكسر الدال، فإنها نسبة إلى المدينة، والقياس بالنسبة إلى المدينة أن يقال: مدني، المدني، ولكن هذه الكلمة جرت على غير القياس.
وقال ياقوت الحموي: "المشهور عندنا أن النسبة إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم: مدني -مطلقاً- وإلى غيرها من المدن مديني، للفرق لا لعلة أخرى".
وهذا رأي من الآراء.
قال: وربما رده بعضهم إلى الأصل، فنسب إلى مدينة الرسول أيضاً: مديني، قال: وعلى هذه الصيغة يُنسب أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السندي والمعروف بـ ابن المديني، كان أصله من المدينة ونزل البصرة.
أما كنيته رحمه الله فهي: أبو الحسن، كما قال ذلك معاصره محمد بن سعد رحمه الله تعالى، ولعله لم يكن له ولد يسمى بالحسن، لكن قد يكون كني بكنية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث أن اسمه يوافق اسمه، فأخذ الكنية من ذلك.
أصل الإمام علي بن المديني من المدينة المنورة، ولكنه بصري الدار، ولد بـ البصرة في خلافة المهدي العباسي في سنة (161هـ) كما تقدم.
ومن الذي ارتحل من المدينة إلى البصرة؟ هل هو أبوه أو جده؟ في هذه المسألة خلاف.
ووالد ابن المديني يروي عن عبد الله بن دينار وطبقة من علماء المدينة.
كان والد الإمام علي بن المديني من العلماء، وهو: عبد الله بن جعفر بن نجيح السندي، ويكنى: بـ أبي جعفر، روى عن عدد من العلماء، مثل: إبراهيم بن مُجَمِّع، وثور بن زيد الديلي، وجعفر بن محمد الصادق، وزيد بن أسلم، وسعيد بن جبير وغيرهم كثير من العلماء العشرات الذين ذُكروا في ترجمته فيمن روى عنهم.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: "وأبوه - أبو علي بن المديني - محدثٌ مشهور، روى عن غير واحد من مشيخة أنس بن مالك رحمه الله تعالى".
إذاً: أبوه محدثٌ مشهور، كما قال الحافظ ابن تغري بردي رحمه الله.
ولعله قد أصابه تغير في آخر عمره، ولذلك قال ابن حجر رحمه الله في التقريب في ترجمته: "ضعيف، تغيَّر حفظه بآخر عمره"، فهذا سبب ضعفه، أما هو من حيث الأصل، فهو محدثٌ مشهورٌ.
كانت أم ابن المديني جدها جمهان وهو من المحدثين، وكانت عاقلة لبيبة، ويدل على ذلك أن علي بن المديني -ولدها- لما غاب في إحدى السفرات وترك أمه بـ البصرة فترة طويلة، فعندما رجع إلى البصرة، فرحت به وقرت عينها برجوعه بعدما اكتسب علماً، فقالت له كما ينقل هو عنها: غبتُ عن البصرة في مخرجي إلى اليمن -وكان مخرجه قرابة ثلاث سنوات- وأمي حية، قال: فلما قدمت عليها، جعلت تقول: يا بني! فلانٌ لك صديق، وفلانٌ لك عدو.
فقلت لها: من أين علمتِ يا أُمَّة؟ قالت: كان فلانٌ وفلانٌ -وذكرت فيهم: يحيى بن سعيد - يأتون مسلِّمين فيعزونني ويقولون: اصبري، فلو قدم عليك -أي: ولدك- سرك الله بما ترينه، فعلمتُ أن هؤلاء محبوك وأصدقاؤك، وفلانٌ وفلانٌ إذا جاءوا قالوا لي: اكتبي إليه وضيقي عليه وحرجي عليه ليقدم عليكِ إلخ الكلام.
فكانت تستدل على الصداقة والعداوة من حرصهم على مصلحته، فالذين يتظاهرون بالحرص عليها، ويقولون: ضيقي عليه حرجي عليه، بيني له أنك غضبانة عليه إذا لم يرجع في الحال، فعلمت أن هؤلاء لا يتكلمون في مصلحته.
فكانت تعرف أصدقاءه من أعدائه من هذه القرينة، ولذلك يُسجل لها موقف عظيم في أنها لم تضجر لغياب ولدها الطويل ما دام ذلك في مصلحة الولد، وأنه قد ذهب في تحصيل العلم.