أيها الإخوة: لقد استطاع اليهود أن يستغلوا بعض عقائد النصارى في إقناعهم بأن من مصلحتهم -أي: من مصلحة النصارى- أن تقوم دولة اليهود, وأن ملك النصارى ومسيحهم لا يعود إلا بقيام دولة يهود, ولذلك فإن إعطاء فلسطين من النصارى لليهود في أول هذا القرن لم يكن إعطاءً عبثياً, وإنما هو مبني على تخطيطات وعلى نبوءات موجودة لديهم في كتبهم, ولما تردد هرتزل في قبول فلسطين بعث إليه أحد النصارى الكبار بورقة من الكتاب المقدس، بزعمهم أنها تدل على قيام دولتهم في ذلك المكان.
فاليهود والنصارى يتواطئون اليوم على الاحتفال بهذه المناسبة والاستعداد لها استعدادات عظيمة, فيحج منهم ثلاثة ملايين وعلى رأسهم كبيرهم الذي يرشدهم إلى أعمال الشرك والكفر يوحنا بولس الذي هو شيخ كفرهم في هذا الزمان, وأنهم سيجتمعون في ذلك المكان, بالإضافة إلى احتفالاتهم في أنحاء العالم الأخرى, والقضية قريبة، والخطر داهم، ولكن كثيراً من المسلمين عن هذا غافلون.
ويزداد الهوس، ويضع النصارى كاميرة مراقبة على البوابة في الأقصى, ويخصصون موقعاً في شبكة نسيج العنكبوت على الإنترنت لينقل لحظة بلحظة هذه البوابة, لأنهم يعتقدون بأن المسيح سيخرج منها, إن أولئك القوم الذين قاموا بهذه الصناعات، ووصلوا إلى الفضاء ليسوا أمة علمانية بحتة كما يتصور البعض، وإنما هم أمة لهم اعتقادات, وكما أن في المسلمين صحوة فكذلك عند النصارى صحوة في باطلهم, وكما أنه حصل عند المسلمين رجوع من كثير من أبنائهم إلى الدين، فإن النصارى يعيشون -على أعتاب الألفية القادمة- صحوة دينية ولكنها شركية كفرية.
ولذلك فإن الإقبال على الدين عندهم يزداد, وجمعياتهم الدينية وجماعاتهم تزداد, والقيام بالعمل على تحقيق نبوءاتهم يستشري, وعدد الذين سيحجون بزعمهم إلى بيت المقدس، وبيت لحم والناصرة سيزداد, كل ذلك رجوع منهم إلى الديانة التي يعتقدون بها، وكبارهم يقدرون ذلك, ويقدرون الكنيسة ويقدرون تلك المناسبة.