ومن أعمال القلب أيضاً البصيرة، والبصيرة هي النظر في الواقع من خلال النور الذي يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلوب من يشاء من عباده، فإذا قذف الله نوره في قلب عبدٍ مؤمن، فإنه يرى ما أخبرت به الرسل كأنه رأي عين: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:108] فلا أدعو على جهل ولا غفلة، بل أدعو إلى الله على بصيرة، ولا أدعو من منطلقات غيري ومبادئ غيري، بل أدعو إلى الله على بصيرة من ربي: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46].
البصيرة بالضبط هي معرفة الحق، تمر بالمسلمين مسائل كثيرة -خصوصاً في أوقات الشدة والمحنة- لا يدرون أين الحق فيها، يضطربون من قائلٍ يقول: هذا هو الحق، ومن قائلٍ يقول: هذا العالِم هو الذي معه الحق، وآخر يقول: هذه الفتوى هي الفتوى الصحيحة، وثالث يقول: الرأي هذا هو الرأي الصواب.
يضطرب الناس ويموجون ويختلطون، لكن أين الحق؟ من الذي يدلك على الحق؟ البصيرة.