الحمد لله وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله البشير والنذير والسراج المنير، والرحمة المهداة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى هداه.
عباد الله: أيها المسلمون! إن قلوبنا مع إخواننا المسلمين في كل مكان، وإن المسلم من خلال عقيدة الولاء للمؤمنين مرتبط قلبياً بإخوانه في الأرض يعيش آلامهم وآمالهم وأحزانهم وأفراحهم، (المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
إن مما تُؤجر عليه يا عبد الله! أن تفرح لنصر المسلمين وأن تحزن لما أصاب المسلمين، هذه مشاعر نؤجر عليها وهي من أدلة الإيمان في القلب.
عباد الله: أيها المسلمون! إن الأخبار العجيبة التي تأتي من بلاد الشيشان فيها آيات وعبر مما أقامه الله تعالى لنا من الأدلة والبراهين في هذا الوقت الذي ضعف فيه المسلمون واستذلهم الكفرة، ولكن الله يُجري في أرضه أقداراً تعيد إلى المسلم أموراً كثيرةً طالما غابت عن المشهد وعن المشاعر، وآخر أخبار الساعات الماضية أن القوات الروسية التي حاولت دخول جروزني قد ردت على أعقابها بالرغم من تقدم أرتال الدبابات وقصف المروحيات على المباني التي يتحصن فيها المجاهدون الشيشان، وكان الجنود الروس يتساقطون كالذباب برصاص القناصة المسلمين، وقد سقط في أسر المجاهدين الكافر المشرك الجنرال ميخائيل ملوفيف قائد القوات الروسية المهاجمة لـ جروزني، فيما اعتبر نكسة خطيرة للروس وهزيمة معنوية كبيرة؛ أن قائد قواتهم المهاجم للبلدة يسقط أسيراً بأيدي المسلمين.
والله عز وجل يذل من يشاء ويعز من يشاء، أليس عجيباً جداً أيها الإخوة! صمود المجاهدين المسلمين الذين لا يتعدى عددهم ألوفاً قليلة أمام نحو مائة وخمسين ألف جندي روسي؟! أليس عجيباً جداً بسالة المجاهدين المسلمين في الشيشان ومقاومتهم وهم يمطرون صباح مساء بقنابل متعددة! بعضها وزنها طن وبأسلحة كيميائية ممنوعة دولياً، وكذلك براجمات الصواريخ وحتى صواريخ أسكود وقصف المروحيات الوحشي وقصف مدافع الدبابات والآلة العسكرية الروسية ومع ذلك يصمد المسلمون، أليس عجيباً أن يتحدث المحللون والخبراء العسكريون الغربيون بإعجاب عن التكتيكات العسكرية الناجحة للمجاهدين المسلمين وابتكاراتهم في استدراج المدرعات الروسية إلى الشوارع الضيقة ثم مهاجمتها من فرق ثلاثية تضم قناصاً وحامل (آربيجي) ومقاتلاً بمدفع رشاش! وكذلك تكتيك الكر والفر ومهاجمة المدن التي يحتلها الروس وإيقاع أفدح الخسائر بهم ومن ثم الانسحاب! وكذلك تغيير مواقع الوحدات المدافعة عن جروزني تحسباً للقصف الروسي! أليس عجيباً جداً أن تصمد عاصمة المسلمين طوال هذه المدة مكذبة كل المواعيد التي حددها كبار الساسة والعسكريين الروس، هذا مع أن المدنيين المسلمين في العاصمة لا يستطيعون الخروج من الملاجئ لدفن أي قتيل من غزارة القصف الروسي والغارات الجوية المستمرة على مدار الساعة، وقد أخبر بعض الفارين من المدينة أن بعض الناس قد صاروا هياكل، أي: جلداً على عظم من الهزال والمجاعة من جراء الحصار وحتى لو انسحب المجاهدون من جروزني؛ فسيجد الروس من العمليات في المناطق الجبلية وغيرها ما سيعانون منه معاناة عظيمة، إلى أن يخرجوا مطرودين إن شاء الله شر طردة من بلاد الشيشان، لقد أيد الله المجاهدين في الشيشان بصدقهم وبلائهم ودعاء ملايين المسلمين لهم في أنحاء العالم، وقد ظهرت آثار أدعية قنوت رمضان بهذا الصمود العجيب الذي نراه، وهذه الخسائر الفادحة التي نزلت بالروس الشيوعيين والنصارى، فبعض الروس قد اعترفوا بثلاثة آلاف قتيل، ولكن بعض الأنباء تفيد بأن قتلاهم لا يقلون عن عشرة آلاف، هؤلاء الذين اصطبغ الثلج بلون دمائهم بينما قدم المسلمون مئات من المقاتلين وآلافاً من المدنيين العزل، فيمن نسأل الله أن يجعلهم شهداء يوم القيامة.
لقد أرسل الله جنوده: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر:31] أرسل على الروس صقيعاً، وتعاني عدد من وحداتهم جوعاً، حتى باعوا أسلحتهم للمجاهدين، ومن يصدق أن الله يأتي بضباب يلف مدينة آرجن المحتلة حتى تدخل إليها وحدات المجاهدين، فتضرب الروس ضربات موجعة وخسائر فادحة، ثم تنسحب ومن يصدق في غمرة هذا الضباب، أن بعض الوحدات الروسية من المشاة الذين انسحبوا في هذا الضباب قد سقطوا في هاوية سحيقة، وهم ينسحبون وأهلكهم الله عز وجل، وألقى الله الرعب في قلوب أعدائه، وتنازع ساستهم وعسكريوهم، ولعن بعضهم بعضاً، وأُقيل من أقيل وتضاربت مصالحهم، وأرسل الله عليهم الارتباك فقصفت بعض الوحدات الروسية بعضها في عدد من المرات، وحلّ في بعضهم أمراض معدية، وأصاب بعض صواريخهم بعضاً وانفجرت دباباتهم بنيرانهم هم.
أيها المسلمون: لو صدق المسلمون الله عز وجل فهل يقف في طريقهم أحد؟! هل يمكن ليهود أو نصارى أو غيرهم من أعداء الإسلام أن يقفوا ولو كانت أعداد المسلمين أقل، أو عدتهم أقل، هذا مثال عملي يضربه الله تعالى لنا في بلاد الشيشان قليلة العدد والعدة وسلاح المجاهدين من غنائم العدو.
إذاً أيها الإخوة: الصدق مع الله والثبات على الدين هو السبب الأول للنصر والجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، وهذه أمثلة على مُضي الجهاد واستمراره، دالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، ومما ينبغي له سجدة شكر والشيء بالشيء يُذكر مقتل أركان قائد وحدات النمور الصربية الذي عاث هو ومقاتلوه في أرض المسلمين فساداً في البوسنة وكوسوفا، وأرداه الله في عز ثروته من الشركات التجارية وفي الفندق الفخم الذي كان يسهر فيه، وترملت المغنية المشهورة والممثلة التي تزوجها، ونسأل الله له أشد العذاب.
اللهم إنا نسألك أن تنصر المجاهدين وأن تُعلي كلمة الدين، اللهم عجل فرج المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأهله.