كذلك فإننا لا بد أن نجنب المخطئ معونة الشيطان، فلا نعين الشيطان عليه، ولذلك لا ندعو عليه، وإنما ندعو له: (فلما جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر، أمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه -وفي رواية قال له رجل: أخزاه الله- فقال عليه الصلاة والسلام: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) إذا لعنته ودعوت عليه بالخزي، ماذا فعلت؟ أعنت الشيطان عليه، وفي رواية: قال: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان) وإنما ندعو له بالهداية، نقول: اللهم اهده مثلاً، وهكذا يكون الأمر عندما نجد مخطئاً مذنباً، فإننا ندعو له، اللهم إلا إذا كان مخطئاً معانداً مجافياً للحق، مصراً بعد البيان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على هذا المخطئ المعاند، كما جاء في صحيح مسلم في رجل أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: (كل بيمينك.
قال: لا أستطيع -يستطيع لكن تكبراً- فقال: لا استطعت -دعا عليه بأن لا يستطيع- قال: فما رفعها إلى فيه)، وفي رواية: (فما وصلت يمينه إلى فمه بعد) أي: أصيبت يمينه بالشلل، فما استطاع أن يرفعها مطلقاً بعد ذلك، هذا المخطئ المعاند يدعى عليه بما يكف شره، ويعلمه درساً، ولعل تلك الآية التي رآها تكون سبباً في عودته إلى الحق وتوبته واستغفاره.