الناس الآن في جدالنا معهم يقولون: نحن الوسط وأنت مغالٍ ومتطرفٌ متشدد، ونحن الوسط، ونحن المعتدلين؛ لأنهم لو اعترفوا بأنهم ليسوا هم الوسط، وأنك أنت -يا أخي- الملتزم بالدين معناه: أنهم اعترفوا بذنوبهم، وأقاموا الحجة على أنفسهم.
لذلك تجد دائماً في الكلام وفي النقاشات يقولون: نحن نحب الوسط، والمعتدل، كن يا أخي معتدلاً كن وسطاً، لا تزيد ولا تنقص!! نعم! أقول لهذا الذي يناقشني: أنا معك أنا أحب الوسط، والإسلام دين الوسط، ودين الاعتدال، لكن ما هو الوسط؟ وما هو الاعتدال؟ أليست هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته، وفعله أوامر ونواهي؟ أليس هذا هو الوسط، أم لا؟ لكن المشكلة إذا قلنا: إن الوسط هو الذي يرتكب بعض المنكرات، لو قلنا: إن هذا هو الوسط لضاع الدين، وفتحنا أبواب المعاصي والمنكرات على الناس.
إذاً أيها الإخوة! كلمة (ملتزم) الآن التي ندندن حولها اليوم، تساوي كلمة (مسلم حقيقي) في أيام السلف، أي: في زمان السلف عندما كان يقول أحدهم: إنه مسلم، ويأمر الناس أن يكونوا مسلمين، أي: ملتزمين بالإسلام، لا يأمر الناس أن يكونوا مسلمين متهاونين ومفرطين بالإسلام.
فلذلك أنت -الآن- تحتاج إلى مصطلحات أخرى للشاب، لأنك لو قلت له: يا أخي! لا بد أن تكون مسلماً.
يقول: أنا مسلم، وأنا أشهد بالشهادتين، وأنا كذا، فلا بد أن تزيد الأمر إيضاحاً.
ولذلك وردت قصة: أن أحدهم خرج فلقي إنساناً ملتزماً، فقال له: يا مطوع! تعال.
فلما أتى المطوع قال له: يا أخي! أنت ناديتني يا مطوع! فأنا أريد أن أعرف ماذا تكون أنت؟ أي: إذا أنا صرت مطوعاً فأنت عرف لي نفسك منافق فاسق فاجر، ما هي الكلمة التي تريد أن أقولها؟ وهذا قد يقول: قل لي: يا مسلم، لأن الناس لا يفهمون الإسلام والالتزام بالأحكام، هذه هي المشكلة، ولذلك يقولون عن الناس الملتزمين: يا مطوع! وهو ليس بمطوع، فلا بد أن نعرف ما هو تعريفه؟ وما هو المصطلح الذي يريدنا أن نطلقه عليه، نقول: يا مفرط يا مضيع يا عاصي يا مؤمن يا ملتزم!! ماذا يريدنا أن نقول عنه؟ هذه المسألة مهمة بالنسبة للذين يجادلون؛ لأنه يريد الواحد منهم أن يقول: أنا الوسط، وأنت يا فلان الملتزم بالدين الذي لا تفعل المنكرات أنت المتطرف.
فلذلك يقولون بعد ذلك مثلاً: يا أخي! هذه اللحية الأمر بها تشدد، وعلى نطاق النساء مثلاً: يعتبر الأمر بالحجاب والتزام المرأة بالحجاب الكامل الساتر، يعتبره تشدداً.
لماذا اعتبروا هذا؟ لأنهم بنوه على أصلٍ فاسد، الذي هو (الوسط) المرأة -الآن- عندما تقول لها: التزمي بالحجاب غطي نفسك وغطي العورة، تقول: أنا امرأة وسط، أنا معتدلة تريدني أكون امرأة لا يظهر مني شيء، لا يمكن، هذا تطرف وعندما تأمر المرأة بالحجاب أو أن تتحجب ابنتها تقول الأم: اتركها الآن بدون حجاب دعها تتمتع دعها تخرج وتذهب هذه صغيرة، وغداً -إن شاء الله- عندما تكبر سوق تتحجب.
أي: تكبر ويصبح عمرها خمسين سنة، وتكون من القواعد من النساء اللاتي يكون الحجاب في حقهن ليس بواجب، فعند ذلك تتحجب.
انظر إلى الناس! وهذا هو الحاصل الآن وهو الذي يسري في المجتمع، فإن عامة النساء -إلا من رحم ربي- في قضية الحجاب متفلتات، فإذا جئت تأمر بالحجاب تجدها تقول: أنا وسط ومعتدلة، أنا لست كاللواتي يلبسن القفازات ويضعن على الوجه الحجاب، وتلبس الساتر ويصير فضفاضاً، هذه المتطرفة.
انظر -الآن- كيف انعكس الفهم الخاطئ للوسطية والاعتدال، وانعكس على تقييم الناس للأوضاع.
أليس الذي يلتحي ويؤدي الصلوات في المسجد هذا هو الوسط، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فعل هذا، ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم له لحية كثة وكان يصلي مع الناس في المسجد؟ نعم! إذاً الرسول هو الوسط، وأي إنسان يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح مفرطاً، ومقصراً، ومضيعاً، أو فاسقاً بحسب الأشياء التي يرتكبها.