ومن علامات ضعف الإيمان: احتقار المعروف، فلو أرشدت أحد الناس إلى شيء من المعروف، قال: هذه ما فيها إلا شيء يسير من الحسنات، وهذا شيء بسيط أنا مستغنٍ عنه، أعطني أشياء كبيرة في الأجر، يقول عليه الصلاة والسلام: (اتق الله، ولا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي) لو أتى أحد يريد أن يستسقي من بئر وأنت قد رفعت دلوك، فلما وجدت هذا الشخص بيده الدلو، أفرغت دلوك في دلوه، ثم رفعت دلواً آخر لنفسك، فهذه العملية بسيطة، لكن لا تحتقرها، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسطٌ ماذا تكلفك الابتسامة في وجه أخيك؟ لا شيء عمل سهل جداً، لا تحتقر هذا المعروف، لا تقل: هذه قضية ثانوية وجزئية، وما فيها إلا حسنات قليلة، لا؛ لأن هذا العمل البسيط قد يكون سبباً في مغفرة الذنوب كلها، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (بينما رجلٌ يمشي في طريق، وجد غصن شوكٍ على الطريق، فأخره) أزاله جانباً حتى لا يؤذي المسلمين (فشكر الله له، فغفر له) بسبب إزالة غصن من الشوك عن طريق المسلمين.
فإذاً من ضعف الإيمان أن تحتقر الحسنات البسيطة، لو رأيت سجادة المسجد وسخة، ولا تحتقر إزالتها، وفي إزالة أوساخ المسجد وردت الأحاديث الصحيحة؛ كحديث المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فماتت في الليل، فدفنوها دون أن يؤذنوا رسول الله حتى لا يزعجوه، فلما أصبح عليه الصلاة والسلام وافتقدها، قال: (أين هي؟ قالوا: ماتت ودفناها، قال: دلوني على قبرها) فذهب عليه الصلاة والسلام إلى قبرها بنفسه وصلى عليها؛ لأنها كانت تقم المسجد.
أي: تنظف المسجد.