ورجل العقيدة يُقدر الأمور ويُقدر أنها مسئولية، ويعرف ثِقل التبعات، ويقف عندما يحس بأن المسألة تحتاج للاستعداد، عن أنس رضي الله عنه قال: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفاً يوم أحد فقال: من يأخذ مني هذا؟ فبسطوا أيديهم وكل إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: فمن يأخذه بحقه؟ فأحجم القوم، فقال سماك بن خرش أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، قال: فأخذه ففلق به هام المشركين) رواه مسلم.
وفي المواقف الصعبة يظهر دور رجل العقيدة في تثبيت الناس، ويظهر دور تلك الشخصيات العظيمة في إشاعة أجواء الإيمان والطمأنينة في جنبات تلك النفوس المزلزلة، وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه صار ملجأ الناس لما تزلزلوا عند موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكشفت تلك الحادثة عن قدرة الرجل وإيمانه وعلمه، قام بدور لم يقم به بقية الصحابة، فتشهد أبو بكر فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال: [أما بعد من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]، قال: والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس، فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها] في طرق المدينة وهم خارجون كأنهم لم يشعروا أن الآية نزلت إلا في ذلك الوقت، مع أنها نزلت من قبل، وهكذا كان دور الإمام أحمد رحمه الله في تثبيت الناس يوم المحنة.