رجل العقيدة إذا عمل في سبيل نصرة الدين وضحى بنفسه لا يريد بذلك متاعاً دنيوياً، ويُصّر على ألا يأخذ متاعاً دنيوياً، عن شداد بن الهاد قال: (أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ليعينوه ويكفلوه ويربوه ويعلموه -أعرابي- فلما كانت غزوة خيبر غنم النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيئاً فقسمه، وقسم له -لهذا الأعرابي، ولم يكن موجوداً وقت القسمة؛ لأنه كان يرعى ظهور المسلمين- فأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم نصيب الأعرابي لأصحابه، فلما جاءهم دفعوه إليه، فقال: ما هذا المال؟ فقالوا: قَسَمَ لك النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا؟ فقال: قسمته لك، قال: ما على هذا تبعتك؟ ولكن تبعتك على أن أُرمى هاهنا -وأشار إلى حلقه بسهم- فأموت فأدخل الجنة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن تصدق الله يصدقك، فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو محمول وقد أصابه سهم حيث أشار -بعد المعركة- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهو هو؟ قالوا: نعم.
قال: صدق الله فصدقه، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: اللهم هذا عبدك، خرج مهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً وأنا شهيدٌ على ذلك) والأحاديث الماضية صحيحة.