رجل العقيدة يعمل على إنكار المنكر؛ وهذه نقطة مهمة جداً، وما وصل المسلمون إلى ما وصلوا إليه إلا بسبب قيام البعض بفعل المنكر، وقيام آخرين بالسكوت عنهم، وقيام فريق ثالث بإنكاره إنكاراً خاطئاً، فحدث الشر والفساد.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبدأ بالأهم فالأقل أهمية في الإنكار، ويُقدم الأمر بفعل الواجبات على النهي عن المحرمات إذا استوى الواجب والمحرم، وإلا فإنه يبدأ بالأعلى رتبة، والأكثر خطراً، والأعلى شراً وأشد انتشاراً بين الناس، وهو كذلك يتدرج في الإنكار يداً ولساناً، وإنكاره بقلبه لا يفارق جميع الحالات.
يجب على الإنسان أن يفارق المجلس إن لم يستطع الإنكار، ولا يأمر بمعروف إذا علم أنه سيؤدي إلى منكر أكبر منه، ولا يأمر بمعروف إذا كان سيؤدي إلى فوات معروف أكبر منه، ولا ينهى عن منكر إذا كان سيؤدي إلى منكر أكبر منه، ولا ينهى عن منكر إذا كان سيؤدي إلى فوات معروف أكبر منه، وتفصيل هذه الحالات وغيرها في محاضرة بعنوان: (ضوابط في إنكار المنكر).
وهو صاحب هيبة بين أهل المنكر، ولو رأوه لهابوه، عن سعيد بن جبير قال: مرَّ ابن عمر رضي الله عنه بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه بالنبل، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: (من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضه).
ورجل العقيدة يهتم بإنكار المنكر حتى آخر لحظة من حياته، ألم تر أن عمر رضي الله عنه نهى ذلك الشاب المسبل عن الإسبال وهو على فراش الموت، فقال: [يا بن أخي! ارفع ثوبك؛ فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك].
وأوصى أبو موسى رضي الله عنه حين حضره الموت، فقال: [إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا بي المشي، ولا تجعلون على لحدي شيئاً يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلون على قبري بناءً، وأشهدكم أني بريءٌ من كل حالقة، أو سالقة، أو خارقة، قالوا: سمعت فيها شيئاً؟ قال: نعم.
من رسول الله صلى الله عليه وسلم].
ورجل العقيدة يُضحي بنفسه في سبيل الدين؛ لأن هذا الدين لا يقوم بغير تضحيات، وبعض القاعدين الكسالى، يظنون أن الدين سيقوم بمجرد التعلم النظري لهذا الدين، حتى لو لم يؤدوا إليه أي خدمة أو لم يضحوا في سبيل الدين بأي شيء؛ وهذا خطأ.