كثرة الفتن تؤدي إلى التحايل على الشرع

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71].

أما بعد: فالحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بيننا وبينهن مودة ورحمة.

جُعل هذا النكاح، وهذا العقد عقداً مقدساً في الشريعة له شروطه، وله واجباته وأركانه وقد تقدم الكلام على ذلك في الخطبة الماضية، ويُعلم من كلام العلماء في شروط النكاح وأركانه مدى أهمية هذا العقد ومكانته في الشريعة.

ولما استعرت الشهوات في هذا الزمن، وكثرت المغريات والفتن، وعم الشر، وظهر التبرج والسفور، ولم يغض كثير من الرجال أبصارهم، وعمت المغريات التي فيها إثارة الفتن، سواء كان ذلك في صورة تمشي، أو صورة تتحرك، أو صورة مطبوعة، بحيث أن ما يقع من العيون على هذه الصور أمر كثيرٌ جداً قد أثار الشهوات من واقع النساء في التبرج، ومن هذه الأفلام وخاصة منها الخليعة التي تثير الشهوات، لجأ كثير من الناس إلى طرق يريدون بها قضاء الوطر والشهوة، ومن هؤلاء من وفقهم الله تعالى لتحصين أنفسهم بالزواج الشرعي والنكاح الإسلامي المبني على هذه الشريعة المباركة، ومنهم من وقع في المحرمات والكبائر، ووقع في الفواحش والزنا وانتهاك حرمات الله وحدوده، فويل لهم من عذاب يوم أليم! ومن الناس من ركب الصعب والذلول لأجل الحصول على عقد بأي طريقة كانت ليتوصل به إلى وطء المرأة، فدخل بعضهم في بعض الأنكحة المحرمة كنكاح المتعة وغيره، وركب بعضهم طريق بني إسرائيل في التحايل على شريعة الله تعالى، ويزعم بعضهم أنه اشترى امرأة من الخارج، وآخرون يقولون بأن الخادمة مثل ملك اليمين يطؤها متى شاء، وبعضهم يذهب إلى أماكن معينة فيها بنات وكاتب أنكحة وشهود، يتزوج ثم يطلق، وبعضهم يقول: وهبت نفسها لي، فتزوجتها بموافقتها بلا ولي ولا شهود ولا مهر، إلى آخر ذلك من الاختراعات والحيل التي يريدون بها التوصل إلى تحليل ما حرم الله، فما هو حكم هذه العقود؟! ثم أطلوا علينا بزواج سموه بزواج المسيار، قالوا فيه: إن الرجل يتزوج المرأة، فيقيم عندها أو عند أهلها، ويشترط عليها ألا مبيت ولا نفقة، أو أنه يأتيها بالنهار دون الليل ونحو ذلك، فنريد أن نعرف ما حكم هذا النكاح وغيره من الصور المتقدمة؟ وما حكم الزواج بنية الطلاق الذي يفعله بعضهم إذا ذهب إلى بلاد الغربة، أو إذا سافر سفراً؟ وما حكم إخفاء النكاح، لأنه لا يريد مشكلة مع الزوجة الأولى، فهو يسر به؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015