أما أنواع الرؤى فإنه قد مر معنا أنها ثلاثة، بشرى من الله، وما يحدث الإنسان بها نفسه، وتحزين من الشيطان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: (إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر حديث أبي هريرة، وقيل: إن ذلك من كلام ابن سيرين، لكن تقسيم الرؤيا إلى نوعين، نوع من الله، ونوع من الشيطان وهذا صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا ريب، فيمكن أن نقول أن الرؤى نوعان أساسيان: من الله وهي الرؤيا الصالحة، وهي البشرى وجزء من النبوة، وهي كثيرة في الأنبياء والصالحين، قليلة فيمن سواهم.
ثانياً: الأضغاث ويدخل تحت الأضغاث أنواع كثيرة منها: أهاويل وتلاعب الشيطان ليحزن بها ابن آدم، مثل الذي ورد في الحديث: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: رأيت فيما يرى النائم البارحة كأن عنقي ضربت فسقط رأسي فأتبعته، فأخذته ثم أعدته مكانه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يحدثن به الناس).
رأيت رأسي قطع وتدحرج ولحقته وأعدته مكانه، هذا من الشيطان فلا يحدث به إطلاقاً، فالشيطان يتلاعب بابن آدم في المنام، فيريه مثل هذه الأشياء، وكذلك من رؤى الضلال المبين أن يرى الإنسان -مثلاً- صورة الله أو النبي صلى الله عليه وسلم أو الملائكة، يقول له: افعل حراماً.
الشيطان يصوره له يقول على أنه الله، أو أنه النبي، أو أنه الملك يقول له: افعل الشيء المحرم، فهذا أيضاً من تلاعب الشيطان لأن الله لا يأمر بالفحشاء، فهذا من الشيطان، كذلك لو أن الشيطان أرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام مثلاًُ أنه قال: هذا النبي صلى الله عليه وسلم، أسود اللون أو قصير أو سمين أو أعرج أو فيه عاهة أو أعور ونحو ذلك، هذا ليس هو النبي عليه الصلاة والسلام، هذا من تلاعب الشيطان بابن آدم في المنام.
النوع الثالث: نوع لا بشارة ولا من الشيطان، وإنما هو شيء كان الإنسان مهموم به في حياته، كالطالب الذي يذاكر في الامتحان ويقلب الأوراق، ويتخيل الاختبار وما سيأتي من الأسئلة ونحو ذلك فينام، فيرى نفسه في قاعة الاختبار في المنام وتوزع الأوراق، وأنه يحل وأنه سلم الورقة وأنه، شيء كان مهموماً به في يومه فرآه في ليلته، معاملة واحد يتابع فيها، فيرى في المنام المعاملة، ونحو ذلك.
فإذاً هذا النوع لا تقول أنه رؤى من الله بشارة أو لا تقول أنه تلاعب من الشيطان، بل هو هم كان الإنسان مهموماً به في نهاره، فانطبع في شعوره، فرآه في ليله في المنام.