وقال عليه الصلاة والسلام: (فتنة الأحلاس هرب وحرب) هرب: لأن الناس سيهربون منها من القتل والعداوة، والحَرَبْ: هو نهب الأموال، وقتل الأهل بحيث لا يبقى لأحد مال ولا أهل.
(ثم فتنة السراء دخنها) السراء أي: النعمة والرخاء والصحة والعافية، وهي: المعاصي التي تقع بسبب الصحة والعافية.
(دخنها من تحت قدم من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع) والورك هو: أعلى الفخذ، والضلع معروف والمقصود: أن الناس سيصطلحون على رجل يبايعونه ويملكونه عليهم، ولا يصلح لأن يكون ملكاً؛ لأنه جاهل ولم تستقم له الأمور، ولكن هذا الذي سيحدث.
(كورك على ضلع) يعني: كما أن هذا الورك كبير لا يثبت على الضلع؛ لأن الضلع دقيق، فكذلك لن يثبت أمر هذا الرجل ولن يكون مناسباً نظراً لجهله.
(ثم فتنة الدهيماء) الدهيماء أي: العظيمة الكبيرة.
(لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل انقضت تمادت وزادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه) فيكون نتيجة التدافع بين الحق والباطل، ونتيجة معترك الأمور وقيام الأحداث بين أهل الحق وأهل الباطل؛ أن يتميز أهل الحق عن أهل الباطل، وهذه من فوائد التدافع الذي ذكره الله عز وجل في كتابه: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الحج:40].
(فإذا كان ذاكم) إذا حصل تميز الناس إلى الفسطاطين، فانتظروا الدجال من يومه أو من غده، وهذه فتن تقع قبل الدجال.
ومرة أخرى نقول: لا يصلح لأحد الآن أن يقول: أن ما يقع الآن من الأحداث والأشياء التي وقعت وهذه حرب وهروب الناس ونهب الأموال، هذه هي فتنة الأحلاس، ويفسر الحديث بهواه وجهله، لا يجوز ذلك، وإنما نأخذ من الفتن كيف نواجهها، ونتعلم منها دروساً، وقد يمر بنا بعض هذه الفتن، فنعرف الموقف منها، وقد تمر بنا فتن أصغر من الفتن المذكورة بالأحاديث فنعرف كيف نواجهها.
وهذا الحديث يبين لنا أن الصحة والرخاء قد تقع فيها فتن عظمية، ويبين لنا أهمية تميز أهل الإيمان عن أهل النفاق.