صبر المرأة على طاعة الله وعلى العبادات أمر مهم، وكذا صبرها على طلب العلم، وكان نساء الأنصار خير النساء لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، وكذلك صبرها على المحرمات الكثيرة عن طريق الوسائل المنتشرة، فالمرأة عندما تخرج هذه الوسائل من بيتها، وتصبر على العيش في البيت بعيدة عن الناس إلى حد ما، وكثيراًَ ما تختلي بنفسها، وقد تخاف المرأة من الانفراد في كثير من الأحيان فتصبر، فصبرها على هذه الحالة فيه أجر عظيم صبرها على أذى زوجها فيه أجر عظيم صبرها على تربية الأولاد فيه أجر عظيم وصبرها على شقاوة الأولاد فيه أجر عظيم.
الزوجة يقول لها زوجها: أنا تعبان؛ خذي الولد واخرجي من الغرفة أريد أن أنام، فتأخذ الولد وتخرج، أليس في ذلك مشقة على نفسها؟ بلى.
فيه مشقة على نفسها، ولكن فيه أجر عظيم.
الأولاد يتنازعوها من شتى الجهات، هذا يقول: أعطيني، وهذا يصرخ، وهذا يضرب الآخر، وهذا يريد من هنا وهذا يريد من هناك، وهذا يخرج، وهذا يمسك زر الكهرباء، وهذا يمسك السكين، وهذا يمسك المقص، وهذا يصعد فوق الكرسي وربما رمى نفسه، وهي تريد أن تلاحق هؤلاء كلهم، هذا الصبر على شقاوة الأطفال فيه أجر عظيم، إذاً فالصبر صفة مهمة للمرأة المسلمة تحتاج إليها في كثير من الأحيان.
الصبر على سلبيات الزوج؛ قد يكون الزوج بخيلاً، قد يفتعل المشاكل في البيت لأتفه الأسباب أو بدون سبب، قد يكون الزوج ديكتاتورياً في البيت لا يسمح بالمناقشة، ويريد أن يفرض رأيه على زوجته بكل وسيلة، ولا يسمح لها بأي خيار من الخيارات المباحة، ويفاجئها بقرارات بين يوم وليلة، وقد يسبها ويشتمها ويرميها بألفاظ شنيعة، وقد لا يحسن عشرتها، يدخل من باب البيت ثم الحمام، ثم يغير ملابسه، ثم يذهب ليأكل، يأكل وربما أكل لوحده ولا يرضى أن يأكل معها، ويذهب إلى غرفة النوم وينام ولا يسأل عنها مطلقاً، ثم يخرج إلى أصحابه فيعاشرهم ويذهب معهم ويأتي، ليرجع آخر الليل إلى البيت وهي قلقة عليه لتأخره عنها دون أن يشعرها، وربما سافر دون علمها، بعض الأزواج عندهم هذه الصفات، فالصبر على سلبيات الزوج صفة لا ينبغي للمرأة أن تستهين بها؛ لأن فيها أجراً عظيماً لا يضيع عند الله عز وجل.
كانت بعض نساء الصحابة تصبر على عدم الزواج بعد زوجها وفاءً له وإخلاصاً، لما مات أبو الدرداء خطب معاوية رضي الله عنه زوجته أم الدرداء، فامتنعت، فسأل عن السبب، فقالت: لأنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المرأة لآخر أزواجها في الجنة) حديث صحيح، والحديث الآخر: (أنه إذا تزوج المرأة أكثر من زوج فإنها تكون في الجنة مع أحسنهم خلقاً) حديث ضعيف، فالحديث الصحيح إذاً: (أن المرأة لآخر أزواجها في الجنة) فلو تزوجت ثلاثة في الدنيا فهي في الجنة مع الثالث، ولو تزوجت أربعة في الدنيا فهي في الجنة مع الرابع، فـ أم الدرداء من محبتها لزوجها وإخلاصها له بعد موته صبرت عن الزواج مع تقدم الخطاب لها ومنهم الخليفة معاوية رضي الله عنه، لكنها رفضته وعنده من النعيم والملك شيء عظيم، وما ذكر ليس واجباً على المرأة إذا مات زوجها، بل يجوز لها أن تتزوج وخصوصاً إذا خشيت على نفسها، أو كانت شابة، أو كان عندها متسع من الجهد والإمكانيات، وربما يكون زواجها خيراً لها من بقائها لوحدها.