موسى يخبر الناس بأنه قد قتل نفساً، ولا يريد من الله إلا أن يغفر له، ولا يستطيع أن يشفع للناس في بدء الحساب ويدلهم على عيسى عليه السلام فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، يقولون: يا عيسى! أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ورح منه، وكلم الناس في المهد صبياً، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، فيذكر مثل آدم قولاً وجواباً: لست هناكم لكن لم يذكر ذنباً.
عيسى ما ذكر ذنباً لكن يقول: أنا لست على مستوى طلب الشفاعة لست بهذا المقام، لست هناكم، ويقول في رواية: (إني عُبِدت من دون الله، إني اتُخِذت إلهاً من دون الله) مع أنه ليس ذنباً منه ولا قصد ولا أراد ولا رضي، لكن يقول ذلك تواضعاً.
الآن هؤلاء الأنبياء يقولون اليوم: إذا غفر لنا يكفينا، فما بال بقية الناس؟ ثم يقول عيسى عليه السلام: (ائتوا محمد صلى الله عليه وسلم فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، انطلقوا إلى من جاء اليوم مغفوراً له وليس عليه ذنب وخاتم النبيين، أرأيتم لو كان هناك متاع في وعاء وقد ختم عليه، أكان يقدر على ما في الوعاء حتى يفض الخاتم؟) هل تستطيع أن تأخذ شيئاً من الوعاء من غير فض الخاتم، فيرجعون إلى هذا الذي قيل لهم أول من تنشق عنه الأرض، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وعندما يأتون إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقول كما جاء في رواية: (إني لقائم انتظر أمتي يعبرون الصراط إذ جاء عيسى فقال: يا محمد! هذه الأنبياء قد جاءتك يسألون لتدعو الله أن يفرق جمع الأمم إلى حيث يشاء لغم ما هم فيه) فأين يكون النبي عليه الصلاة والسلام؟ عند الصراط ومعه لواء الحمد، بعدما تلف القضية على الأنبياء واحداً واحداً، عيسى مع الناس مع الأنبياء كلهم يتوجهون إلى الصراط، والنبي عليه الصلاة والسلام قائم ينتظر عند الصراط، فيطلب عيسى والأنبياء معه والناس جميعهم من النبي عليه الصلاة والسلام ويخاطبونه حتى أبوه إبراهيم، كما جاء في رواية (وأخرت الثالثة -يعني: دعوة النبي عليه الصلاة والسلام- ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام).