Q كثيرٌ من الناس يقول: يكفي أن أصوم وأصلي وأتصدق، أما أن أطلق لحيتي وأقصر ثوبي فلن أفعل حتى لا أتهم بالنفاق كما نشاهد من الشباب من سوء معاملتهم مع الناس ومع أهلهم؟
صلى الله عليه وسلم نفس القضية ترك العمل من أجل الناس رياء، هذا ترك العمل من أجل الناس، فقد وقع في الرياء، وهذا ضابط قوي يضبط تصرفات الفرد.
أحياناً تأتي مداخل شيطانية، لكن يضع هذا الضابط ترك العمل من أجل الناس رياء فلا يستطيع أن يذهب يميناً أو شمالاً؛ لا بد أن يسلك الطريق المستقيم، ثم إن قضية ألا أتمسك بالدين لكي لا أعطي صورة سيئة، فأنت تريد أن تتقي بجانب وتخرق جانباً آخر، صحيح أنك قد تترك هذا العمل لكيلا تعطي صورة سيئة، لكنك في الجانب الآخر ارتكبت معاصي، وهي ترك المظهر الإسلامي، والمظهر بعض الناس يهونون من شأنه يقولون: المهم القلب، المهم الباطن، هذا المظهر غير مهم، لكن شيخ الإسلام رحمه الله له كلام جيد في اقتضاء الصراط المستقيم، يقول: لو أن إنساناً -يعني: رجلاً عادياً- لبس ملابس الجند؛ أي: أخذ بدلة عسكرية ولبسها مشى، كيف تتوقعون أن تصبح مشيته؟ يمشي ثابت الخطى جاد، لأنه الآن يلبس بدلة عسكرية جاد التصرفات خطوات متساوية، ماذا حصل عليه ما الذي زاد فيه؟ لباس.
لكن هذا المظهر له تأثير على المخبر وعلى الباطن وعلى الداخل، هذا غيَّر بدلته فقط، وكذلك بقية الأشياء التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، الناس يقولون: هذه توافه الأمور، يقولون: هذه قشور، ولو كانت هذه قشور فلماذا أنفق الرسول صلى الله عليه وسلم من عمره ومن وقته أشياء يعلمها الأمة لو كانت غير مهمة؟ ولماذا تأتي في بعض الأشياء ألفاظ دالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم طرح القضية في مجالس كثيرة (اعفوا اللحى) (وفروا اللحى) (أرخوا اللحى).
فإذاً: القضية مرتبطة بالعقيدة، ليست مسألة فرعية ولا جزئية لا تستحق أن يدعى إليها، وشهد شاهدٌ من أهلها، ذلك الرجل الذي جاء قال: ما ترك نبيكم- صلى الله عليه وسلم- شيئاً إلا علمكم إياه، يعني: حتى الخراءة؛ كيف يقضي الإنسان حاجته، فهاهم شهدوا بهذا، وهذا يبين عظمة الدين وكمال الدين وأنه لا توجد فيه ثغرة ولا شيء من الأمور إلا وتجده، موجود فيه آداب السنة في الإسلام موجود فيه أشياء مثل: نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة، سبحان الله! حتى المشي في النعل الواحدة، نهى أن يجلس الرجل بين الشمس والظل حتى الجلوس بين الشمس والظل، وطريقة الشرب، وطريقة الأكل، والدخول وتقديم اليمنى، يعني: أشياء تحكم المسلم، حتى تصبح الأعمال العادية موافقة لما جاء به الدين، هذا جانب من جوانب يظهر عظمة الدين ويعطيك تفصيلاً في كل الأمور.