ودعونا الآن نتجول معكم في بعض الجوانب التي ينتشر بين الناس تركها إهمالها التقصير فيها.
مثلاً: بعض الناس يقولون: أنا التزم بالإسلام، ومستعد أن التزم معك بالإسلام لكن إلى حدٍ معين، وبعد هذا الحد أنا أتوقف لا طاقة لي لا أستطيع، يعني: ترى رجلاً يعجبك مظهره، وتعتقد بأنه من الملتزمين بالإسلام الذين يعملون للدين، فإذا جئت معه مثلاً إلى جانب من جوانب التضحية، إذا جئت تقول له: يا أخي إن الدين يحتاج إلى من ينصره ولا بد أن تدعو لهذا الدين وتعمل لهذا الدين، قال لك: لا.
هنا أقف، ليس عندي استعداد لأن أقضي وقتاً طويلاً للعمل في الدين، ورائي دراسة، ورائي تجارة، ورائي أعمال كثيرة أؤديها، فيقول: ليس عندي استعداد لأن أعمل للدين، ما عندي وقت أقضيه، ما عندي، يكفي والآن أقف هنا!! أي نوعٍ من أنوع الالتزام هذا الالتزام؟ وآخر يلتزم بالعبادات، لكن غير مستعد أن يعمل للدين، يقول لك: أما قضية الدعوة إلى الله فما عندي استعداد لأن أضحي بوقتي، وإذا احتاجت الدعوة إلى لله إلى الجهاد في سبيل الله وإلى مالٍ، تجد هذا الشخص يقول: أنا أعطيك كل شيء لكن جيبي لا، لا أخرج منه شيئاً، إنفاق ما أنفاق، أموال ما أموال، لا، فأي نوعٍ من أنواع الالتزام هذا الذي يريدون أن يتمسكوا به أو يسيروا عليه؟ الإسلام يطلب منك أيها المسلم أن تعمل للإسلام، أن تقوم وتمشي في سبيل نصرة الإسلام، أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أن تتعلم العلم الشرعي، أن تبلغ التصورات الإسلامية إلى الناس، أن تربي نفسك على الدين، وتربي إخوانك من حولك وتتربى معهم على هذا الدين، أن تدعو إلى الدين بكل وسيلة، أن تبذل في الدين نفسك ووقتك وجهدك ومالك وإمكانياتك وتفكيرك، وإشغال ذهنك بما يعود بالمصلحة والرفعة لهذا الدين، لكن كثيراً من الناس اليوم التزامهم بارد، لا حرارة فيه، مهما تشحن فيه وتبث فيه من الشحنات الإيمانية لا يتحرك مطلقاً، مهما أعطيته من الاشتراكات هذه لا يتحرك، لأن الخراب أساساً في الداخل، في المحرك، ليس في شيء ثان مثل البطارية، الخراب في المحرك، فإذاً التصورات فيها خلل، ولذلك تجده يرفض عندما يأتي إلى جانب من الجوانب التي تحتاج إلى بذل.
يقول لك: هنا أقف، مكانك سر، ما تقدم، هذا أقصى ما يمكنني أن أقدمه، وقد يستدل بعضهم بأشياء من القرآن أو السنة لكي يبرروا لأنفسهم -قبل أن يبرروا- للناس مواقفهم الذليلة، فيقول لك أحدهم: يا أخي إنني أحتاج إلى المال، يا أخي! إني أحتاج إلى الوقت، أولادي: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول) يأخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ويستدلون بأدلة يريدون منها أن يسكتوك لأنك تحاول إقناعهم وتحاول دفعهم من أجل العمل لهذا الدين، فمهما أوردت عليهم النصوص التي تفيد الحركة من أجل الدين فلا قناعة يقول: أنا هنا، حدي هنا لا أتحرك.