أيها المسلمون: إن الغيرة المحمودة على الحرمات، والتي تكون في مواضع الريبة، فعند ذلك يغار الرجل، وليس الموسوس الذي يغار دون سبب، ويضيق على زوجته العفيفة، ويتهمها في شرفها وهي بريئة، ويظن أن كل أحدٍ ينظر إليها ولو لم يتقصد ليس هذا هو المطلوب، وإنما المطلوب الغيرة الواقفة عند حدود الشريعة، والغيرة على حرمات الله.
وإذا قال قائل: ما هو الرأي فيما يسمى بـ (جرائم الشرف) التي تتحدث عنها بعض الصحف، ويثيرون هذه القضية فيمن يقتل ابنته أو أخته أو زوجته إذا رآها مع رجل؟ ف
صلى الله عليه وسلم أن حدود الله معلومة معروفة، ولا يجوز لإنسان إذا رأى ابنته أو أخته أن يقتلها في مثل هذه الحال إذا لم يكن الحد الشرعي هو القتل، كأن تكون غير متزوجة، فإن الشارع لم يقل بقتلها حتى لو زنت، وكذلك فإنها تعطى الفرصة لتتوب، وقتلها يفوت الفرصة، ثم هو اعتداء، ثم إن إقامة الحدود مناطة بالحاكم الشرعي وحكم القاضي العدل وليس إلى أهواء الناس.
ولكنني أنبه -أيها الأخوة- إلى أن بعض هؤلاء الكتاب الذين يتناولون قضية (جرائم الشرف) ويهولون في الأمر ويعظمونه، لا يريدون من وراء ذلك إظهار حكم الشريعة، ولا أن ينهوا عن الاعتداء الذي حرمه الله كما تبين لكم، وإنما يريدون انهيار الحدود، وتدمير الأخلاق، وشيوع الفاحشة؛ فينتهزون فرصة تعدي بعض الناس فيما يسمى بـ (جرائم الشرف) ليصلوا من وراء ذلك إلى ترك الأخوات والبنات في غاية الحرية يفعلن ما يشأن.
إذاً: يريدون من وراء تناول قضايا (جرائم الشرف) -من منظورهم- إعطاء البنت والأخت الحرية لتفعل ما تشاء ولو بالحرام، ويدسون في كلامهم من أجل الوصول إلى هذه الغاية الخبيثة، والمسلم نبيه فطن لا تروج عليه مثل هذه الكتابات الفاسدة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يغار على حرماته.
اللهم إنا نسألك الغيرة الشرعية، وأن تجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنك سميع مجيب قريب.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.