حق اللقيط واليتيم

وإذا أسلم أحد الأبوين فالولد مع المسلم منهما.

واللقيط إذا وجد ولا يدرى من أبوه، بل وجد ملقى في الشارع أو في مكان ما، فللشريعة فيه أحكام، وللشريعة فيه صيانة، التقاطه فرض على الكفاية، وهو تخليص لآدمي من الهلاك، قال الله: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة:32] {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] ولا إثم أعظم من إثم من أضاع نسمة مولودة، فيجب التقاطه على الكفاية، فلو تركه المسلمون حتى يموت أثموا كلهم، لا ذنب لنفس أن تموت جوعاً أو تأكلها الكلاب، ومن ترك الولد كذلك في برية يموت جوعاً وبرداً أو تأكله الذئاب، فهو قاتل نفس ولا شك.

حدثني بعض الإخوان عن رجل وضع ولداً في أحد الحمامات العامة وذهب، قال: فرآه بعد ذلك بمدة يقول له في المنام: ضيعك الله كما ضيعتني! وكل ما يوجد مع اللقيط من مال، أو كساء، أو سرير، أو غطاء فهو ملكه، وكل مال له ينفق عليه منه، فإن لم يوجد مال فنفقته على بيت مال المسلمين، ونسب الولد محفوظ لأبيه، ولا يجوز التبني في الإسلام: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب:4] ولذلك لا يجوز لملتقط اللقيط أن ينسبه إلى نفسه، وإنما يجعل له اسماً يسمى به، فيسميه زيداً أو عمراً أو سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن ونحو ذلك.

واليتيم: الولد الصغير الذي فقد أباه دون البلوغ، ماذا جاءت الشرعية بشأنه؟ ما أعظم ما جاءت به: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام:152] (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى) يقوم بأموره من النفقة والكسوة، والتأديب والتربية، وليست قضية إنفاق وكسوة فقط، وإنما تأديب وتربية للذي يريد أجر كفالة اليتيم: (أدنِ اليتيم وامسح برأسه، وأطعمه من طعامك؛ يلن قلبك وتدرك حاجتك) حديث حسن لغيره.

فإذا تولى أموال اليتامى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} [النساء:2] {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء:10] اختلاس، تفويت، إهمال، تضييع، ومن السبع الموبقات أكل مال اليتيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015