وقد يكون سفر هرب وطاعة كمن يهرب من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، ويهاجر إلى بلاد المسلمين، أو أن يهرب من الأذى، أو ممن يريد قتله، أو غصب أمواله، أو إيذاء أهله، وفي هذا العصر والزمان من غربة الإسلام خرج كثير من المسلمين من بلادهم، أو أُخرجوا من بلادهم لأنهم قالوا: ربنا الله، وفي الأرض جماعات متناثرة من المسلمين من أهل السنة أُخرجوا من ديارهم لأنهم أهل السنة، أخرجهم الكفرة، وأهل البدعة والضلالة، وأهل الإلحاد والزيغ، ولا تزال تطّلع على أخبارهم بين فترة وأخرى، وبين حين وآخر من الزمن تسمع أنباء إخوانك الذين أُخرجوا ظلماً وعدواناً من أراضيهم وبلادهم لا يلوون على شيء إلا الفِرار بأنفسهم، وسلامة أهليهم، ليس معهم إلا حقيبة يدوية.
والعتب على متبلدي الإحساس من المسلمين الذين لم يشعروا حتى هذه اللحظة أن لهم إخواناً من اللاجئين، ومن المهَجّرين، ومن الذين أُخرجوا من ديارهم ظلماً وعدواناً، ليت هؤلاء من متبلدي الإحساس بدلاً أن يسافروا إلى بلاد الكفار ليتمرغوا في أوحال المعاصي، يسافروا إلى بعض المناطق المنكوبة من أراضي إخوانهم المسلمين حتى يشهدوها.
وكذلك فإن السفر إلى المساجد الثلاثة للصلاة فيها وعبادة الله من أعظم القربات، وينبغي أن يكون في نفس المسلم في هذا الزمن حنينٌ إلى بيت المقدس المسجد الثالث من هذه المساجد الثلاثة، الذي منع اليهودُ المسلمينَ من خارج ذلك المكان الصلاة فيه إلا بصعوبة بالغة.