ما هي الأسباب المعينة على قبول الحق؟ إذا لم يكن عند المرء تقوى فلن يقبل الحق: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} [الأنفال:29] فرقاناً: تفرقون به بين الحق والباطل، وتعرفون به الحق، وتنقادون إليه، فلا بد من التقوى، وأن يعرف الإنسان مقدار علمه، وأنه عرضة للخطأ، وقال عليه الصلاة والسلام: (كل بني آدم خطاء) قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: من يبرئ نفسه من الخطأ فهو مجنون، الذي يقول: أنا لا أخطئ كذاب: (كل بني آدم خطاء) من الذي لا يخطئ إلا من عصمهم الله سبحانه وتعالى.
وأن يعلم الإنسان منا أن الرجوع إلى الحق فيه أجر وثواب، لما حلف أبو بكر الصديق ألا ينفق على مسطح ولا يعطيه شيئاً؛ لأنه ظلم ابنته عائشة، أنزل الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22] ولا يأتل: أي: لا يمتنع، وكان مسطح قريباً للصديق وقال: والله لا أنفق على مسطح شيئاً بعد الذي قال لـ عائشة، فلما نزلت الآية قال أبو بكر رضي الله عنه: [بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي] فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه وقال: [والله لا أنزعها منه أبداً] وكفر عن يمينه، هكذا فعل.
فإذاً ثواب الرجوع إلى الحق هو الذي يدفع المؤمن إلى الرجوع، وهي خصلة عظيمة، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اجعلنا من أهل الحق، وأقمنا على ملة الحق، وأمتنا على الحق إنك أنت الحق المبين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.