وأما المسألة الأخرى وهي: ماذا يقول العاطس؟ يقول: الحمد لله، وورد في رواية أخرى: (الحمد لله على كل حال) وورد في رواية أخرى: (الحمد لله رب العالمين) وكل هذه الأحاديث صحيحة وقد روى البخاري في الأدب المفرد: (من قال عند عطسة سمعها: الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان، لم يجد وجع الضرس ولا الأذن أبداً) قال ابن حجر رحمه الله: هذا موقوف على علي ورجاله ثقات، قال: ومثله لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع، فإذاً هنا صيغة جديدة وهي الجمع بين الحمد لله رب العالمين وعلى كل حال ونص الحديث: (الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان، وأن من قال ذلك لم يجد وجع الضرس ولا الأذن أبداً) وهذا رأي الحافظ رحمه الله في هذا الحديث.
كما روى الطبراني بسند لا بأس به عن ابن عباس قال: (إذا عطس الرجل فقال: الحمد لله، قال الملك: رب العالمين، فإذا قال: رب العالمين؛ قال الملك: يرحمك الله) إذاً العاطس مخير في أن يقول: الحمد لله فقط، أو الحمد لله رب العالمين، أو الحمد لله على كل حال، ووردت رواية عن علي موقوفة في الجمع، وأما أفضل هذه الصيغ، فقد قال بعضهم: إن الحمد لله رب العالمين أفضل، وقال بعضهم: الحمد لله على كل حال أفضل لأنها أعم، وقال بعضهم: إن الصيغة الواردة في الصلاة التي وردت للرجل الذي عطس في الصلاة، قال: [الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى] قالوا: هذه دالة على أفضلية هذه العبارة، وعلى كل حال نقول: هو مخير بين العبارات الثابتة المرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن قال هذا تارة وهذا تارة، فلعله يكون قد أصاب السنة إن شاء الله، فهو ينوع فتارة يقول: الحمد لله، وتارة يقول: الحمد لله رب العالمين وتارة يقول: الحمد لله على كل حال.
وإذا عطس فقال في الصلاة كما قال الصحابي والنبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك؛ فهذا أيضاً أمر محمود، لكن هناك أشياء غير مقبولة مثل أن يقول: الحمد لله والصلاة على رسول الله؛ لأن هذا ليس موضعها؛ لأن هذا ذكر من الأذكار، والأذكار توقيفية فإذا أضاف إليها الإنسان أشياء من عنده، وتركيبات لم ترد في الشريعة، فيكون مبتدعاً إذا أتى بهذه الأشياء وواظب عليها، أو اعتقد فضلها.
ولذلك نلتزم بالسنة ونأتي بما ورد في السنة، وقد جاء أيضاً عند البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن مجاهد أن ابن عمر سمع ابنه عطس فقال: آب فقال: وما آب؟ إن (آب) اسم شيطان من الشياطين، جعلها بين العطسة والحمد.
فهذه يمكن أن تصدر من بعض الناس، وفي رواية ابن أبي شيبة: آش (بدل الباء شين) فليحرص المسلم على ألا يصدر حروفاً بعد العطاس إلا الحمد لله رب العالمين.
وكذلك بعضهم يقول عبارات أخرى أو أدعية أخرى، فإذاً علينا التقيد بالسنة، وقد ذكر أهل العلم أنه يتحرر أن كل العبارات الواردة ثلاث: الحمد لله رب العالمين أو الحمد لله على كل حال، وذكر النووي رحمه الله أن الحمد لله رب العالمين أحسن من الحمد لله، والحمد لله على كل حال أفضل، قال: يقول عقب عطاسه الحمد لله ولو قال: الحمد لله رب العالمين لكان أحسن فلو قال: الحمد لله على كل حال كان أفضل، وهذه الأحاديث تقتضي التخيير.