الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد نتحدث أيها الإخوة! في هذا الدرس إن شاء الله تعالى عن أدب من الآداب الشرعية العظيمة التي جاءت بها هذه الشريعة، ألا وهو أدب العطاس والتثاؤب، وكذلك أدب يدخل فيه أيضاً وهو التجشؤ والتنخم، وقد وردت عدد من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في موضوع العطاس، وذكر الأئمة رحمهم الله هذا الموضوع في كتاب الأدب من كتبهم المصنفة، كما ذكر ذلك البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الأدب فقال: باب الحمد للعاطس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست فلم تشمتني! فقال: هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله) وقال رحمه الله باب تشميت العاطس إذا حمد الله، فيه أبو هريرة وذكر ابن حجر رحمه الله أنه يريد بذلك التنبيه على حديث أبي هريرة خلافاً لما ذكره بعض أهل العلم أن هذا ما اخترمت المنية البخاري قبل أن يتمه ويضع فيه هذا الحديث.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإبرار المقسم، ونهانا عن سبع: عن خواتيم الذهب، وعن آنية الفضة، وعن المياثر، والعسيِّه، والاستبرق، والديباج، والحرير).
ثم قال رحمه الله: باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يُحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله؛ فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع فإذا قال: هاه! ضحك منه الشيطان) وقال رحمه الله تعالى: باب إذا عطس كيف يشمت، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم) وقال رحمه الله: باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله، وذكر فيه حديث سليمان التيمي، قال: سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: (عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الرجل: يا رسول الله شمَّتَّ هذا ولم تشمتني، قال: إن هذا حمد الله وأنت لم تحمد الله).