وأما الأماكن المباركة فقد ثبت أن المساجد بقاعٌ مباركة، وأن أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله تعالى أسواقها، وعلى رأس المساجد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى).
وكذلك مسجد قباء، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء، وصلى فيه صلاةً كان له كأجر عمرة) حديث صحيح، رواه أحمد رحمه الله تعالى.
إذا كان في المدينة يأتي قباء، وإذا جاءه يوم السبت ففيه أجر وفضل، وأما المساجد الثلاثة فيجوز السفر إليها، وقصد السفر لأجلها، وأما غيرها فلا يجوز شد الرحال إليه.
يا عباد الله: إن التبرك بالمساجد لا يكون بالتمسح بترابها، ولا بجدرانها، ونحو ذلك؛ لأن التبرك عبادة، ويشترط في العبادة المتابعة، والتماس البركة في المساجد إنما يكون بالاعتكاف فيها، وانتظار الصلوات، وصلاة الجماعة، وحضور مجالس الذكر، ونحو ذلك: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور:36 - 37].