إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فحديثنا -أيها الإخوة- عن علمٍ عظيمٍ من أعلام المسلمين، وشيخٍ مبجل، ومحدِّثٍ كبيرٍ، وهو من كبار الحفاظ الذي وصفه الإمام الذهبي رحمه الله تعالى بقوله: "الإمام الناقد المجوِّد، سيد الحفاظ"، وهذا الشيخ الجليل هو: عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى.
أما نسبه: فهو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري -وقيل: الأزدي مولاهم- البصري اللؤلؤي، ويُكَنَّى بـ أبي سعيد رحمه الله تعالى.
ولد سنة: [135هـ] كما قال الإمام أحمد رحمه الله.
ونشأ في بيت متواضع، فلم يكن أبوه مهدي من العلماء إطلاقاً، بل ربما لم يكن شخصاً صاحب عقل، وسنأتي على قصةٍ له تبين ذلك، بل كان رجلاً عامياً بمعنى الكلمة، ولكنه خرج من صلبه -والله يصطفي من خلقه من يشاء، ويخرج من يشاء ممن يشاء- هذا الرجل العامي إمامٌ عظيمٌ من أئمة المسلمين، وهو عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله.
وكَوْن بيت هذا الرجل ليس ببيت علم، ثم يخرج منه هذا العالم؛ فإنه يدل على نبوغه وعصاميته في طلب العلم.