شرح الوزير ابن هبيرة الصحيحين، وسماه: الإفصاح عن معاني الصحاح، في عشرة مجلدات كما يقول الذهبي رحمه الله تعالى.
ولما وصل إلى حديث: (من يرد الله به خيراً، يفقهه في الدين) شرح الحديث، وتكلم على معاني الفقه، وآل به الكلام إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، فكان هذا كتاب فقه فيه أقوال العلماء في المسائل المختلفة الفقهية داخلٌ ضمن شرحه لـ صحيح البخاري وصحيح مسلم؛ ولكن الناس أفردوه عن الكتاب الأصلي، وطُبِع باسم الإفصاح عن معاني الصحاح، وهو كتاب مهم، ولكنه في الحقيقة قطعة من الكتاب الأصلي في شرح الصحيحين.
هذا الكتاب صنفه في ولايته للوزارة، واعتنى به، وجمع عليه أئمة المذاهب، فكان يعرف آراء المذاهب من أصحابها، وأوفدهم من البلدان لأجل هذا الكتاب، وحضروا عنده، وأنفق على تأليف ذلك الكتاب مائة ألف دينار يدخل فيها نفقات العلماء الذين رحلوا واجتمعوا وتباحثوا في هذا الكتاب.
وحدَّث بهذا الكتاب، واجتمع خلق عظيم لسماعه، وبُعِث به إلى العظماء في أطراف المملكة الإسلامية، واستُنْسخت منه نسخٌ كثيرة، وبلغ ذلك الكتاب إلى السلطان نور الدين الشهيد رحمه الله، واشتغل الفقهاء في ذلك الزمان بكتاب الإفصاح عن معاني الصحاح يدرسونه في المساجد، ويعيده المعيدون، ويحفظ منه الفقهاء.
وكذلك صنف في النحو كتاباً اسمه المقتصد، وعرضه على أئمة الأدب في عصره، وشرحه ابن الخشاب في أربعة مجلدات.
وكذلك صنف كتاب العبادات الخمس على مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وحدَّث به بحضرة العلماء من أئمة المذهب.
وله أرجوزة في المقصور والممدود، وأرجوزة في علم الخط.
هذا الرجل من عَظَمَته أنه اشتغل بالعلم وألف وهو وزير.