هناك خطأ في استشارة الأنفس دون غيرهم مثل الخوارج: اجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم ماذا نفعل؟ اجتمع عبد الرحمن بن ملجم وثلاثة أشخاص في الحج، قالوا: ما هي مشكلة المسلمين؟ تداولوا فيما بينهم، قالوا: مشكلة المسلمين تكمن في ثلاثة أشخاص: علي بن أبي طالب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، ما هو الحل؟ -الآن هذه مشاورة- قالوا: نقتلهم ونريح المسلمين منهم، فنحن إذا قتلناهم انتهت المشكلة.
فقالوا: عبد الرحمن بن ملجم يذهب إلى الكوفة ويقتل علياً، وفلان يذهب إلى مصر ويقتل عمرو بن العاص، وفلان يذهب إلى الشام ويقتل معاوية بن أبي سفيان، تشاوروا وتعاقدوا وعملوا هذا العمل، وأنتم تعرفون القصة، وعبد الرحمن بن ملجم له سيف مكث يسقيه السم شهراً، ثم خرج به على علي بن أبي طالب وهو خارج لصلاة الفجر فضربه على جبهته، فتحقق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (أشقى الناس عاقر الناقة والذي يضربك على هذه حتى يبل منها هذه) وفعلاً تصبب الدم حتى نزل من لحية علي بن أبي طالب رضي الله عنه فمات.
هذا الخارجي عندما علق وصلب ليقتل، وبدءوا ليقطعوا أطرافه لم يصرخ ولا صرخة، فلما جاءوا يقطعون لسانه صرخ، قالوا: ويحك! قطعنا أطرافك وما صرخت، فلما أردنا قطع لسانك صرخت، قال: لساني أذكر به الله! فالآن يا أيها الشباب! بعض الناس أحياناً يستشيرون بعضهم ويتعاقدون على أمرٍ فيه دمارٌ عليهم، لأنهم لم يعرفوا أنهم ليسوا هم الذين من المفترض أن يستشيروا أنفسهم، وإنما هناك أناس من أهل الخبرة هم مَن يستشارون.