القرآن يريد من المؤمن أن يحس ويشعر بهذه الأمور، وكيف يتجنب جرح شعور إخوانه المسلمين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب:53].
فالصحابة كانوا يدخلون بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم يريدون أن يأكلوا، ثم يمكثون بعد الأكل وقتاً طويلاً، والرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن ينصرف إلى أهله، ويرتاح، وينام، ويخلد إلى نفسه قليلاً.
وكان من الصحابة من يطيل في المجلس، وهذه الإطالة فيها أذى لصاحب البيت، فنزلت هذه الآية: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب:53]، اخرجوا بسرعة حتى يتهيأ لصاحب البيت أن يذهب إلى أهله، ويجلس، ويستريح: {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} [الأحزاب:53] أي: أذىً نفسياً، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، كان يستحي أن يقول: قد أطلتم فانصرفوا، ولكنه يريد منهم أن يشعروا بأنفسهم.
بأن الوقت قد حان للانصراف.