مثال فوت ملاقاة العدو: كان بعض الصحابة يفوتهم أشياء لعذر ويتأسفون عليها يريدون التعويض، ونحن تفوتنا أشياء لغير عذر وربما لا نحزن ولا نتألم، ولا نسعى للتعويض؛ عن أنس قال: غاب أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله! غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، أي: المسلمين، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، أي: المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ! الجنة! ورب النضر إني لأجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة ما بين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل، وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه.
فهذا الذي وجد فيه بضع وثمانون ضربة وجرحاً، كم قاتل حتى ضرب هذه الضربات؟ وكم تحامل على نفسه وواصل في القتال حتى يضرب هذا العدد؟ ومن حنقهم عليه مثلوا به هذا التمثيل.
قال أنس: كنا نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الآية)) [الأحزاب:23]) وهذا الحديث رواه البخاري رحمه الله.
وروى النسائي عن عاصم بن سفيان الثقفي أنهم غزوا غزوة ذات السلاسل ففاتهم الغزو، فرابطوا ثم رجعوا إلى معاوية وعنده أبو أيوب وعقبة بن عامر، فقال عاصم: يا أبا أيوب! فاتنا الغزو العام، وقد أخبرنا أنه من صلى في المساجد الأربعة غفر له ذنبه، فقال: يا بن أخي! أدلك على أيسر من ذلك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من توضأ كما أمر، وصلى كما أمر، غفر له ما قدم من عمل) أكذلك يا عقبة؟ قال: نعم.
وشهد معه على الحديث.
إذاً: فهناك تحسر على ما فات ورغبة في التعويض، وسؤال واستفتاء: فاتنا فكيف نعوض؟