وأما بالنسبة لاختيار البيت فلا بد أن يكون في بيتك مميزات: أن يكون بجانب مسجد، وهذا شيء ضروري، ولا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية لشركات فيها كفار، لا يكون فيه كشف، ولو حصل فلا بد من ستر الجدران، وتعلية السور، وستر النوافذ.
تصميم البيت من الداخل بحيث يكون هناك مدخل للرجال ومدخل للنساء، ويكون مهيئاً لعدم الاختلاط، صالات البيوت منفصلة، فلا يمر بعضهم على بعض، تكون الحمامات -المراحيض وبيت الخلاء- في وضع غير مستقبل القبلة.
كذلك إذا استطعت أن تهيئ مسكناً واسعاً كما قال عليه الصلاة والسلام: (أربع من السعادة وذكر منها: المسكن الواسع) وقال: (أربع من الشقاء وذكر منها المسكن الضيق)، والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
اختيار الجيران مهم، والجار قبل الدار، قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار الباب يتحول) لو ذهبت إلى مكان ما ووضعت خيمة، وكان بجانبك ناس أهل طبل ومزمار سيغادرون بعد يوم أو يومين، أو ستغادر أو تنتقل أنت فذلك يهون، لكن المصيبة لو أن سكنك بجوار فساق فماذا يحولهم؟ وهذا ما جعل بعض المخلصين يفكرون جدياً في السكن في عمارات يستأجرها هو ومجموعة من الطيبين حتى يحفظ بعضهم بعضاً.
الاهتمام بالإنفاق على البيت في الأشياء الضرورية، توفير وسائل الراحة في البيت، بعضهم يهمل بيته ترتع فيه الحشرات، وتسير فيه البلاعات، ويمتلئ البيت بالأثاث المحطم والفاسد، والقمامة تفوح رائحتها، فلابد من الاعتناء بالبيت وجعله مكاناً للراحة، ولابد من التفريق بين الأشياء الحاجية والأشياء التبذيرية، هناك حاجات مثل المواد العازلة للحرارة؛ هذه حاجية حتى لو أنفقت فيها، لكن تزويق البيوت من الأشياء المنهي عنها، نهي أن يدخل البيت المزوق، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن والطين) (ونهى صلى الله عليه وسلم أن تستر الجدر) حديث حسن مرسل، وهذا من عمل الكفار قالوا: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الإسراء:93] {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف:33 - 35] (ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة، فأنتم اليوم خير من يومئذ) حديث صحيح، وفي صحيح البخاري أن أبا أيوب دعاه ابن عمر على وليمة عرس، فرأى في البيت ستراً على الجدران -كما هو الآن في بعض البيوت من سجاجيد على الجدران- فعاتب أبو أيوب ابن عمر، فقال ابن عمر: غلبنا عليه النساء؛ يعتذر إليه أن هذا من عمل النساء، فقال أبو أيوب: [من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك] إذا خشيت على أحد من النساء لكن أنت ما أخشى عليك، فكيف تقول هذا الكلام؟ وأخرج أحمد في كتاب الزهد أن ابن عمر أتى رجلاً في بيته وقد ستر بالكرور -هذه الأغطية والسجاجيد والأشياء على الحيطان- فقال ابن عمر: يا فلان متى تحولت الكعبة إلى بيتك؟ ثم قال لنفر معهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ليهتك كل رجل ما يليه.
ستر الجدران قال عنه بعض العلماء: حرام، وقال بعضهم: مكروه؛ لماذا؟ لأنه من التبذير، وهذه الأشياء والتحف المملوءة بها البيوت.
وختاماً: فإن العناية بأحوال البيت مهمة، كان صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه المعوذات، وكان يأمر للمريض بالحساء والتلبينة، ويهتم بصحة الأولاد، والاهتمام بالتغذية في البيت، (بيت لا تمر فيه جياع أهله)، الحرص على الأشياء الصحية: (خمروا الآنية، أوكئوا الأسقية، أجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) هذه أيضاً من الاهتمام بالأشياء التي في البيت، كل ما فيه ضرر وأذى لابد من إزالته قبل النوم.
هذه جوانب ولمحات -أيها الإخوة- من الوسائل والنصائح التي نعالج بها بيوتنا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وممن صلحت بيوتهم وذراريهم ونساؤهم وأهلوهم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.