كان عاشوراء صياماً واجباً، فلما فرض رمضان قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن عاشوراء يومٌ من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه) لأنه صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فكان صياماً واجباً فرضاً، فلما فرض رمضان صار صيام عاشوراء مستحباً ونسخت فرضيته، وقال: (فمن شاء صامه ومن شاء تركه) رواه مسلم، ولما قال عليه الصلاة والسلام: (عاشوراء يومٌ من أيام الله) علمنا أنه شرفٌ عظيمٌ لهذا اليوم؛ لأن إضافة الشيء إلى الله تدل على عظمة هذا الشيء، فلما قال: (يومٌ من أيام الله) دل ذلك على شرف هذا اليوم وعظمته، وفي الصحيحين عن الربيع بنت معوذ تروي لنا قصة جميلة، وتعرض لنا لوحة فذة مما كان عليه المجتمع الأول، حيث كانت العبادة في المجتمع الأول من الرأس إلى القاعدة، وكانت العبادة على جميع المستويات قالت: (فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم، ونذهب من المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن -الصوف- فإذا بكى أحدهم على الطعام -أي: بسبب الجوع- أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار) يلهون الأولاد تصبراً لهم على الصيام، وفي رواية: (فإذا سألونا الصيام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم) رواه مسلم رحمه الله.
هذا اليوم العظيم الذي احتسب النبي صلى الله عليه وسلم على الله أن يكفر بصيامه السنة التي قبله، ولا يحتسب عليه الصلاة والسلام إلا على حق ووعدٍ أكيدٍ من الله عز وجل.