أيها الإخوة: إن من الكفار اليوم من قاتلونا في الدين لأننا مسلمون، وأخرجونا من ديارنا، والإخراج من الديار ليس أمراً سهلاً يا عبد الله، أن يسلب بيتك، وأن تخرج منه، وأن تكون هائماً في الأرض ليس لك مأوى، ولا بيت ترجع إليه تصبح شريداً طريداً في الأرض ليست القضية سهلةً على الإطلاق، ولذلك ذكر الله في كتابه كيف أن الكفار يخرجوننا من ديارنا، وطائفة أخرى يظاهرون على إخراجنا، أي: يعاونون على ذلك بتسريعها والتخطيط لها، والإعانة عليها بشتى صور الإعانة، ولا يهولنك التمثيليات وانظر إلى النتائج.
إذا أردت أن تكون فطناً فانظر إلى النتائج ما هي؟ الإخراج من الديار، والمظاهرة على ذلك في السر والعلن، وقد يقع بين الكفار خلافات وقد يصطدمون، ولكن إذا نظرت إلى النتائج على المسلمين تجد أن المسلمين هم الطرف الخاسر الذي يخسر باستمرار، قال تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ} [الممتحنة:9].
إن المسلمين في كوسوفا يخرجون من ديارهم ويُظاهرُ على إخراجهم، مليونان من البشر سيصبحون بلا مأوى، سيوزعون على البلدان، سيحصرون في شريط ضيق ليس لهم ديار، أُخرجوا من ديارهم، وظاهر الكفار الكفارَ على إخراجهم، فما هو موقف المسلم؟ لا شك أنها العداوة للكفار أبداً؛ لأنهم أخرجوا إخواننا من ديارهم، وظاهروا على إخراجهم، لقد كان الإخراج من الديار دافعاً للقتال عند المسلمين الذين كانوا عند نبي لهم من بني إسرائيل، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} [البقرة:246] فكان ذلك سبباً للجهاد في سبيل الله.