أيها الإخوة: هذه أنواع العذاب في النار، من يصمد لها ومن يقوى عليها؟ أين الزناة والزواني؟ وأين أهل اللواط والفاحشة؟ أين الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا؟ أين أكلة الربا، وأكلة أموال الأيتام؟ أين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً؟ أين الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ويشرعون للبشر من عند أهوائهم وأنفسهم؟ أين الذين يعقون آباءهم وأمهاتهم؟ أين الذين اتخذوا سبيل الغي وتركوا سبيل الرشد؟ أين الذين يستهزئون بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين الذين يتطاولون على عباد الله المؤمنين، فيصفونهم بالتشدد والرجعية؟ أين الذين ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم من الناس؟ أين الذين يزينون للناس سبل الباطل والشيطان؟ أين الذين اتخذوا الكذب والنفاق أخلاقاً، وانعدم من ضمائرهم أي خلق فاضل، وأي صدق، وأي أمانة؟ أين الذين يخونون الله بالليل والنهار؟ وأين الذين يختانون أنفسهم؟ أين الذين زينوا للناس كل وسائل اللهو والعبث التي تلهيهم عن ذكر الله، وعن الصلاة؟ أين الذين جانبوا كتاب الله وسنة نبيه، وغرقوا في أوحال المادة، وحياة الدنيا، يلهون ويلعبون غير مكترثين بما يكون لهم غداً عند الله من العذاب والنكال؟ أين الذين أعرضوا عن القرآن والسنة وأحكامهما؟ أين الذين إذا تليت عليهم آيات الله أغاروا عليها بسهام التأويل والتحريف وسهام الاستهزاء والتأويل بالباطل؛ حتى عادت آيات الله وأحاديث رسوله رسوماً وأطلالاً ليست لها في أنفسهم حرمةٌ، ولا عهد؟ أين الذين خانوا عهد الله؟ أين الذين انكبوا على وجوههم- وينكبون يوم القيامة في جهنم-؟
والنار مثوى لأهل الكفر كلهمُ طباقها سبعةٌ مسودةُ الحفرِ
فيها غلاظٌ شدادٌ من ملائكةٍ قلوبهم شدةً أقسى من الحجرِ
سوداء مظلمةٌ شعثاء موحشةٌ دهماء محرقةٌ لواحة البشرِ
فيها الجحيم مذيبٌ للوجوه مع الأمعاء من شدة الإحراقِ والشررِ
فيها السلاسل والأغلال تجمعهم مع الشياطين قسراً جمع منقهرِ
والجوع والعطش المضني لأنفسهم فيها ولا جلدٌ فيها لمصطبرِ
لها إذا ما غلت فورٌ يقلبهم ما بين مرتفعٍ فيها ومنحدرِ
جمع النواصي مع الأقدام سيرهم من القوس محميةً من شدة الوترِ
يا ويلهم تحرق النيران أعظمهم بالموت شهوتهم من شدة الضجرِ
ضجوا وصاحوا زماناً ليس ينفعهم دعاء داعٍ ولا تسليم مصطبرِ
وكل يومٍ لهم في طول مدتهم نزعٌ شديدٌ من التعذيب والسعرِ
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
اللهم يا من تقي من الشرور، قنا عذابك يوم تبعث عبادك.
اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، نجنا من عذاب النيران يا رب العالمين! {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:65 - 66].
اللهم واجعلنا من الناجين على الصراط، ولا تخدشنا بكلاليب النيران يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نعوذ بك من جهنم من زقومها وغسلينها وحميمها ويحمومها.
اللهم أعتق رقابنا من النار، ولا تزل أقدامنا يوم تزل الأقدام، واكتب لنا الجنة برحمتك وعفوك يا أرحم الراحمين.
أيها الإخوة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.